كذباً فلا نوافق عليه، لأن معنى أستغفر الله: أطلب مغفرته، وليس في هذا كذب، ويكفي في ردِّه حديث ابن مسعود المذكور قبله. وعن الفضيل بن عياض رضي الله تعالى عنه: استغفار بلا إقلاع توبَةُ الكذَّابين. ويقاربه ما جاء عن رابعة العدوية رضي الله تعالى عنها قالت:
استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير. وعن بعض الأعراب أنه تعلق بأستار الكعبة وهو يقول: اللهمَّ إن
ــ
ويوضح ذلك إكثاره -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد من قول أستغفر الله مائة مرة وقطعه لمن قال أستغفر الله وأتوب إليه بالمغفرة وإن كان فر من الزحف فها هو ذا قد كشف لك الغطاء عن وجه الصواب وفي كتاب الزهد عن لقمانن عود لسانك: اللهم اغفر لي فإن الله ساعات لا يوافقهن سائل الخ قال في الحرز وليس في هذا كله ما يناقض قول الإِمام النووي. قوله:(لأن معنى أستغفر الله أطلب مغفرته) أي فلا بد من قصده ذلك فإن كان خالي الذهن عن ذلك فلا شك أنه كذب هذا عند قصده الإخبار. قوله:(ويقاربه ما جاء عن رابعة الخ) قال بعضهم ليس مرادها أن في الاستغفار اللساني ذنباً شرعياً بل أرادت به حسنات الأبرار سيئات المقربين فإن ذكر اللسان مع غفلة الجنان من جملة الطاعات كما تقدم أول الكتاب لكنه معدود للعارفين من العصيان لعلو مقامهم بل جعله بعضهم كفراً قد علم كل أناس مشربهم كما علم كل طائفة من العلماء مذهبهم وقال بعض الصوفية الاستغفار من الذنب ذنب آخر لتضمنه دعوى الوجود والقدرة والفعل لما سواه ولا حول ولا قوة إلا بالله وحاصله إن رؤية النفس وأعمالها عندهم من الحجاب وإن الشأن والأدب الإتيان بالأعمال والأقوال الشرعية والخروج عنها بالقلب وفي جمع الجوامع الإشارة إلى الجواب عن قول رابعة العدوية بقوله: "وكون استغفارنا" أي باللسان وإن كان حجاب الغفلة على الجنان "يحتاج إلى استغفار" منه كثير لبعده عن مقصود العبادات حق ومع ذلك فإنه "لا يوجب ترك الاستغفار" لأنه لا يفتقر إلى نية التقرب بل