وعَطَسَ عنده رجل، فقال له:"يَرْحَمُكَ الله، ثم عطس أخرى، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الرجُلُ مَزْكومٌ" هذا لفظ رواية مسلم. وأما رواية أبي داود والترمذي فقالا: قال سلمة: "عطس رجل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا شاهد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
ــ
بعد الأولى وعند ابن ماجه بلفظ يشمت العاطس ثلاثاً وما زاد فهو مزكوم فنقل الحديث كله مرفوعاً فأفاد تكرير التشميت ثلاثاً وهي رواية شاذة لمخالفة جميع أصحاب عكرمة الذي مدار الحديث عليه اهـ. قوله:(عطس الخ) جملة حالية من مفعول سمع وقوله (فقال يرحمك الله) قال الطيبي الظاهر أن يقال يقول له لأنه حال من النبي -صلى الله عليه وسلم- في الكشاف في قوله تعالى:{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} تقول سمعت زيداً تكلم فتوقع الفعل عليه وتحذف المسموع وتجعله حالاً منه فأغناك عن ذكره فإذاً مقتضى السلام أن يقال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- شمته فقال: فلا إشكال حينئذٍ اهـ. وفي المطابقة بين ما فرعه بقوله فإذاً وبين كلام الكشاف ما لا يخفى. قوله:(ثم عطس أخرى فقال الرجل مزكوم) يحتمل أن يكون المراد من أخرى عطسة ثانية فقال -صلى الله عليه وسلم- إنه مزكوم وقال بعضهم بمقتضاه كما سيأتي نقل ابن العربي له في كلام المصنف ويحتمل أن المراد من الأخرى مرة أخرى فشمل الثالثة فيوافق ما سيأتي في الرواية الثانية والله أعلم. قوله:(هذا لفظ رواية مسلم) وهو كذلك عند أبي داود والترمذي وابن السني والله أعلم. قوله:(وأما أبو داود والترمذي فقالا الخ) الذي وقفت عليه في أصل مصحح من سنن أبي داود عن سلمة مثل ما رواه مسلم أن رجلاً عطس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له يرحمك الله ثم عطس فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل مزكوم وكذا أخرجه الترمذي عن سلمة بهذا اللفظ من طريق عبد الله يعني ابن المبارك وقال ثم عطس الثانية فقال -صلى الله عليه وسلم-: "هذا رجل مزكوم" وقال
الترمذي هذا حديث حسن صحيح وأخرج الترمذي بعده عن سلمة أيضاً من طريق يحيى بن سعيد أي الذي روى هو وابن المبارك عن عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه نحوه إلا أنه قال له في الثالثة أنت مزكوم قال الترمذي: هذا أصح من حديث ابن المبارك وقد روى شعبة عن عكرمة بن عمار هذا الحديث نحو رواية يحيى بن سعيد ثم خرجها