الركعة الثانية منها، وإذا في رحبة المسجد رجل حسن الهيئة يستدير في الرحبة، فسألت صاحبي وهو من أهل الميدان، فأَفادني أَن هذا إِمام مرتب ليؤم من فاتتهم الفريضة مع الإمام، فاستعذت بالله من الحرمان، وبعد أَداء الصلاة التقينا به وكان صاحب خلق كريم، فباحثته مستفهماً فأَفاد أَن هذه وظيفة لأَبيه من قبله، سألته عن مستنده الشرعي فيها، فلم يكن لديه إلا الوراثة، فقلت له: لا يجوز لك التخلف عن أَداء الصلاة جماعة مع المسلمين وأَن هذا عمل محدث لا نعرف له أَصلًا في الشرع المطهَّر والمعروف من الهدي أَن من فاتته الصلاة جماعة، فإِن كانوا جماعة أَمهم أَحدهم، وإن كان واحدًا صلى منفردًا، وإن تصدق عليه أَحد الحاضرين من الذين قد أَدركوا الصلاة فهو حَسَن، مع وجود خلاف في هذا: إِذْ قال بعض العلماء بعدم جواز إِقامة جماعة ثانية في المسجد الواحد، لكن الدليل والعمل على ما ذكرت ثم انصرفت، والله يهدينا إلى صراطه المستقيم.
ثم وقفت على ما ذكر في ترجمة إبراهيم المذكور المتوفى في القرن السابع بدمشق، وهذا من العجائب، تجاوز الله عن الجميع.
١٤- أَول حنبلي حكم بالديار المصرية- في القضاء- في وقته هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب بن منصور الحراني، المولود سنة (٦١٠ هـ) تقريبًا، المتوفى سنة (٦٧٥ هـ) بدمشق.