هذا الكلام، لا يستقيم المعنى إلا بها، وأن عدم اعتبارها، عدوان على المعنى، وإفساد له.. وإما أن تكون دخيلة على كلام الله، لا يستقيم المعنى إلا بحذفها، وتجريد بنية الكلمة منها..
وهذا الفرض الثاني غير وارد أبدا فى هذا المقام، مقام الحديث عن كتاب الله، وآياته، وكلماته.. فقد تولى الله سبحانه وتعالى حفظ كتابه الكريم، من أي تحريف، أو تبديل فى كلمة من كلماته، أو حرف من حروفه. كما يقول سبحانه:«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ»(٩: الحجر) .
وإذن فنحن على يقين لا شك معه، ولا ريب فيه، بأن «لا» هذه من بنية الكلمة، شأنها فى هذا شأن بقية حروف الكلمة «لئلا» ذات المقاطع الثلاثة:
اللام (لام التعليل) و «أن»(المصدرية) و «لا» النافية.
هذا ما ينبغى أن يقوم عليه إيماننا مع تلك الكلمة، ومع جميع كلمات الله، سواء انكشف لنا وجه الحق فى هذه الكلمة أو لم ينكشف، وسواء وقعت من مدركاننا موقع المحكم أو المتشابه من آيات الله. كما يقول سبحانه:«هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ»(٧: آل عمران)«١» .
ولو وقفنا عند هذا الحد من الآية الكريمة، وقلنا إنها من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم- لو وقفنا عند هذا، لكان أولى وأحمد من القول بزيادة حرف من حروفها. حتى نطوّعها بهذا القول لمفهومنا، وإدراكنا..
(١) انظر تفسيرنا لهذه الآية (٧: آل عمران) فى الكتاب الثاني من التفسير القرآنى للقرآن ص ٣٩.