وقد عرضنا لهذه القضية فى كتابنا قضية الألوهية «بين الفلسفة والدين» فى الجزء الأول منه.
والصورة التي يصورها التشبيه هى:
كوة أو مشكاة «بلورية» .. فيها مصباح متقد، وهذا المصباح مظروف فى زجاجة صافية أتم ما يكون عليه الصفاء، حتى لكأنها كوكب درى..
ثم إن شعلة هذا المصباح تشتعل من زيت مستخلص من أكرم شجرة عرفت من شجر الزيتون..
فهذا النور، ليس مجرد نور، وإنما هو كما وصفه الله سبحانه:«نُورٌ عَلى نُورٍ» .. نور المشكاة البلورية. ثم نور الزجاجة الصافية صفاء الكوكب الدري، ثم نور الزيت الذي يكاد يضىء ولو لم تمسسه نار.. ثم ضوء فتيل المصباح بعد أن يشتعل.. فكلّ منها نور يجتمع إلى نور..
وهذا النور هو أقصى ما كان يمكن أن تحصل عليه الإنسانية، أو تتشهّى الحصول عليه عند نزول القرآن..
أما ما جدّ بعد ذلك من نور الكهرباء- فإنه لا ينقض هذا النور، ولا ينقص من جلاله وروعته.. لأنه نور وديع، هادىء، لطيف، على حين أن نور الكهرباء زاعق، صارخ.. وهذا هو السّر أو بعض السرّ فى ضرب المثل بهذا النور، دون ضوء الشمس، وهو أبهى بهاء وأقوى قوة من كل نور تعرفه الإنسانية.
وقد قلنا إن المراد بنور الله هنا، هو هداية الله سبحانه وتعالى لكل ذرّة فى هذا الوجود، وإقامتها فى مكانها الصحيح، وتوجيهها الوجهة التي تأتلف فيها مع الوجود، وتتناغم مع الموجودات.. فكأنّ كل ذرة من ذرات الوجود تعمل فى نور، فلا تضلّ طريقها أبدا..
ثم إذا نظرنا بعين العلم اليوم، رأينا الوجود كله نورا.. فالأجسام جميعها