للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُلاةِ القوم (١) خمسون رجلًا خمسين يمينًا، فإن قلَّ عددُهم أو نَكَل بعضُهم، رُدَّتِ الأيمانُ عليهم، إلا أن يَنكُلَ أحدٌ من وُلاةِ المقتولِ الذين يجوزُ عفوُهم، فلا يُقتلَ حينئذٍ أحدٌ، ولا سبيلَ إلى الدَّم إذا نكَل واحدٌ منهم، ولا تُردُّ الأيمانُ على مَن يُقْتلَ إذا نكَل أحدٌ ممن يجوزُ له العفوُ عن الدَّم، وإن كان واحدًا.

قال مالك (٢): وإنما تُردُّ الأيمانُ على مَن بقيَ إذا نكَل أحدٌ ممّن لا يجوزُ له عفو، فإن نكَل واحدٌ ممّن يجوزُ له العفو، فإنه إذا كان ذلك، رُدَّتِ الأيمانُ حينئذٍ على المدَّعَى عليهم الدَّم، فيحلِفُ منهم خمسون رجلًا خمسين يمينًا، فإن لم يبلُغوا خمسين رجلًا، رُدَّتِ الخمسون يمينًا على مَن حلَف منهم حتى تكمُلَ الخمسون يمينًا، فإن لم يُوجَدْ أحدٌ يحلِفُ إلا الذي ادُّعي عليه الدَّم، حلَف وحدَه خمسين يمينًا (٣).

قال مالك (٤): لا يُقسِمُ في قتل العمدِ إلا اثنان من المدَّعِين فصاعدًا، يحلِفانِ خمسينَ يمينًا تُردَّدُ عليهما، ثم قد استحَقَّا الدَّمَ وقتلا مَن حلَفا عليه، وكذلك إن كان وليُّ الدَّم الذي ادّعاه واحدًا بُدئَ به، فحلَف وحدَه خمسين يمينًا، فإذا حلَف المدَّعون خمسين يمينًا، استحَقُّوا دمَ صاحبِهم، وقتَلوا مَن حلَفوا عليه، ولا يُقتَلُ في القسامةِ إلا واحدٌ، ولا يُقتَلُ فيها اثنان. هذا كلُّه قولُ مالك في "موطَّئه" و"موطأ" ابنِ وَهْب.

قال أبو عُمر: إنّما جعَل مالكٌ قولَ المقتول: دَمي عندَ فلان: شُبهةً ولَطْخًا، وجَب به تَبدئةُ أوليائِه بالأيمانِ في القَسامة؛ لأنَّ المعروفَ من طِباع الناسِ عندَ حُضورِ الموتِ الإنابةُ والتوبةُ والتندُّمُ عى ما سلَف من سيِّئ العمل، ألا ترَى إلى


(١) وقع في بعض النسخ: "الدم"، والمثبت من الأصل، وهو الذي في الموطأ (٢٥٧٧).
(٢) الموطّأ ٢/ ٤٥٤ (٢٥٧٧).
(٣) بعده في الموطأ: "وبَرِئ".
(٤) الموطّأ ٢/ ٤٥٦ (٢٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>