للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروَى ابنُ وَهْبٍ، قال: قلتُ لمالكٍ: النَّصْرانيُّ يموتُ وله وَلَدٌ نَصارَى، فيُسلِمُ بعضُ ولَدِه بعدَ موتِه قبلَ قَسْمِ الميراث. فقال: مَن أسلَم منهم ومَن لم يُسلِمْ على حالٍ واحدةٍ في قِسْمَتِهم يومَ مات أبوهم؛ إن كان للذكرِ في قِسمَتِهم مثلُ حظِّ الأنثى (١)، لم يكنْ لمن أسلَم إلّا ذلك، إنّما يَقْسِمون على قَسْمِ النصرانية، وإن كان قد أسلَم بعضُهم فلا يُقسَمُ لمن أسلَم منهم إلّا ما وجَب له قبلَ أن يُسلِمَ يومَ مات أبوه. قال: وقال مالكٌ في النصرانيِّ يموتُ وله أولادٌ مسلمون ونصارى، فيُسلِمُ النصرانيُّ منهم قبلَ قَسْمِ الميراث، فقال: إنّما يكونُ ميراثُه لمن كان على دينِه يومَ مات، وليس لمن كان مُسلمًا قبلَ موتِه شيءٌ، ولو أسلَم النصرانيُّ وله أولادٌ مسلمونَ ونصارى، ثم مات، فأسلَم ولَدُه النصارى بعدَ موتِه قبلَ القَسْم، لم يكنْ لهم من ميراثِه شيءٌ. فقلتُ لمالكٍ: والعَتَاقَةُ كذلك؟ فقال: نعم، مَن أُعتِق بعدَ الموتِ فلا شيءَ له وإن كان قبلَ القَسْم (٢).

قال أبو عُمر: بهذا قال الشافعيُّ وجُمهورُ أهلِ العلم. ورُوِيَ ذلك عن عليٍّ بن أبي طالبٍ، وسعيدِ بن المسيِّب، وإبراهيمَ النَّخَعيِّ، وسُليمانَ بن يسارٍ، والزُّهريِّ، كلُّهم يقول: مَن أسلَم أو أُعتِق بعدَ الموت، فلا ميراثَ له ولا قَسْمَ؛ لأنّ الميراثَ قد وجَب في حين الموتِ لمن وجَب من عَصَبَةٍ، أو بيتِ مالِ المسلمينِ، أو سائرِ وَرَثتِه، وهو قولُ الكوفيِّين، والحجازيِّين، وجمهورُ العلماء، أنّ الميراثّ إنّما يقّعُ ويجبُ بموتِ المورُوثِ في حين موتِه، كالرجل المُسلمِ يموتُ وله أولادٌ نصارَى، ثم يسلِمونَ بعدُ فلا حَقَّ لهم في ميراثِه، وقد وجَب بموتِه لوارثٍ مسلمٍ إن كان له غيرُهم، وإلّا فلبيتِ مالِ المسلمين، إلّا ما رُوِي عن أبي الشَّعْثاءِ جابرِ بن زيد البصريِّ، وطائفةٍ من فقهاءِ التابعين بالبصرةِ خاصَّةً، فإن


(١) في الأصل: "الأنثيين"، وهو خطأ، والصواب ما أثبتنا من ج.
(٢) وتنظر المدونة ٢/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>