للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمَركم بالصيام، وإنَّ مَثلَ الصيام كمَثلِ رجلٍ معه صُرَّةٌ فيها مِسْكٌ في عصابةٍ كلُّهم يُعجِبُه أن يجِدَ ريحَها، وإنَّ الصيامَ عندَ اللَّه أطيبُ من ريحِ المسك، وأمَرَكم بالصدقة، وإنَّ مَثلَ ذلك كمثلِ رجلٍ أسَره العدوُّ فأوثَقوه إلى عُنُقِه، وقرَّبوه ليضرِبوا عُنقَه، فقال لهم: هل لكم أن أفدِيَ نفسي منكم؟ فجعَل يُعطيهم القليلَ والكثيرَ حتى فدَى نفسَه منهم، وأمَرَكم بذكرِ اللَّه كثيرًا، وإنَّ مَثَلَ ذلك كرجُلٍ أصابه العدوُّ سِراعًا في أثَرِه حتى أتى على حِصْنٍ حصينٍ فأحرَز نفسَه فيه، وكذلك العبدُ لا يُحرِزُ نفسَه من الشيطانِ إلا بذكرِ اللَّه". فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأنا آمُرُكم بخمسٍ أمَرني اللَّهُ بهنَّ: الجماعةُ، والسمعُ، والطاعةُ، والهجرةُ، والجهادُ في سبيلِ اللَّه، فمَن فارَق الجماعةَ قِيْدَ شِبْرٍ فقد خلَع رِبْقَةَ الإسلام من رأسِه إلا أن يرجِعَ، ومَن دعَا بدعوى الجاهليةِ فإنه من حُثاءِ جَهنم". قال رجلٌ: وإن صام وصلَّى؟ قال: "وإن صام وصلَّى، ادْعُوا بدعوى اللَّه الذي سمَّاكم المؤمنين عبادَ اللَّه" (١).

قال أبو عُمر: كذا قال: "حُثاءِ جَهنم وغيرُه يرويه: "جُثاءِ جَهنم"، بالجيم، وذلك كلُّه خطأٌ عندَ أهلِ العلم باللغة، وقد أنكَره أبو عُبَيدة وغيرُه، وقال أبو عبيد: إنما هو من: "جُثِيِّ جَهنَّم". وهو كما قال أبو عبيد (٢).


(١) أخرجه الترمذي (٢٨٦٣)، والطبراني في الكبير ٣/ ٢٨٦ (٣٤٢٨) من طريق موسى بن إسماعيل المنقري أبي سلمة التَّبوذكيّ، به، وقال الترمذي: "حسن صحيح غريب".
وأخرجه الطيالسي في مسنده (١٢٥٧)، والترمذي (٢٨٦٤)، وأبو يعلى في مسنده ٣/ ١٤٠ (١٥٧١)، وابن خزيمة في صحيحه ٣/ ١٩٥ (١٨٩٥)، وابن حبّان في صحيحه ١٤/ ١٢٠ - ١٢٥ (٦٢٣٣) من طرق عن أبان بن يزيد العطار، به.
وهو عند أبي عُبيد القاسم بن سلّام في الخطب والمواعظ (٩٥)، وأحمد في المسند ٢٨/ ٤٠٤ - ٤٠٦ (١٧١٧٠)، والطبراني في الكبير ٣/ ٢٨٦ (٣٤٢٧) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. أبو سلّام: هو ممطور الحبشيّ.
(٢) الذي في غريب الحديث له أنّ له معنيان، أحدهما: على رواية من روى جُثَى بالتخفيف، قال: "واحدة الجُثَى جُثْوة بضمِّ الجيم (بالتخفيف): وهي الشيء المجموع. فكان معنى الحديث أنه من جماعات جهنَّم؛ أي من الزُّمر التي تدخُلها، هذا فيمن قال: جُثى فخفَّف الياء. ومن قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>