للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورواه عيسى بنُ يونس، عن محمدِ بنِ إسحاقَ بإسنادِه مثلَه (١).

ألا ترى أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا لِمَن حفِظ مقالتَه هذه فوعاها ثم أدّاها، تأكيدًا منه في حِفظِها وتبليغِها، وهي قولُه: "ثلاثٌ لا يَغِلُّ عليهِنَّ قلبُ مسلم: إخلاصُ العملِ للَّه، ولزومُ الجماعة، ومُناصَحةُ أُولي الأمر"؟

فأما قولُه: "ثلاثٌ لا يَغِلُّ عليهن قلبُ مؤمن"، فمعناه: لا يكونُ القلبُ عليهِنَّ ومعهُنَّ غَليلًا أبدًا، يعني: لا يكونُ فيه مرضٌ ولا نفاقٌ إذا أخلَص العملَ للَّه، ولزِم الجماعة، وناصَح أُولي الأمر.

وأمّا قولُه: "فإنّ دعوتَهم تُحيطُ مِن ورائِهم"، أو: "هي مِن ورائهم محيطةٌ"، فمعناه عندَ أهلِ العلم: أن الجماعةَ في مصرٍ من أمصارِ المسلمين إذا مات إمامُهم ولم يكنْ لهم إمامٌ، فأقام أهلُ ذلك المصْرِ الذي هو حضرةُ الإمام وموضِعُه إمامًا لأنفُسِهم اجتمَعوا عليه ورضُوه، فإنّ كلَّ مَن خلفَهم وأمامَهم من المسلمين في الآفاقِ يلزَمُهم الدُّخولُ في طاعةِ ذلك الإمام إذا لم يكن معلنًا معروفًا بالفسقِ والفساد؛ لأنها دعوةٌ محيطةٌ بهم يجبُ إجابتُها، ولا يسَعُ أحدًا التخلفُ عنها؛ لِما في إقامةِ إمامَينِ من اختلافِ الكلمةِ وفسادِ ذاتِ البَين.

حدَّثنا سعيدُ بنُ نصر، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبَغ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ الترمذيُّ وأحمدُ بنُ زُهير -واللفظُ للترمذيِّ- قالا: حدَّثنا الحُميديُّ، قال (٢): حدَّثنا سفيان، قال: حدَّثنا عبدُ الملك بنُ عُميرٍ غيرَ مرَّة، عن عبدِ الرحمنِ بنِ


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٢/ ١٢٦ (١٥١٤)، والخطيب البغدادي في جامع بيان العلم وفضله (١٩٥)، وإسناده كسابقه.
(٢) في مسنده (٨٨).
وأخرجه الشاشي في مسنده (٢٧٧) عن أحمد بن زهير بن حرب، به.
وهو عند الترمذي (٢٦٥٨)، والبغوي في شرح السُّنة ١/ ٢٣٥ - ٢٣٦ (١١٢) من طريقين عن سفيان بن عيينة، به. ورجال إسناده ثقات. عبد الملك بن عمير: هو ابن سويد اللخمي الفَرَسيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>