للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحُجَّةُ أبي حَنِيفةَ، ومن قال بقولِهِ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا نَهَى عن بيع التَّمرِ بالتَّمرِ إلّا مِثلًا بمِثل، دخلَ في ذلك الرُّطبُ والبُسرُ؛ لأنَّ ذلك كلَّهُ يُسمَّى تمرًا.

قال: ولا يخلُو من أن يكونَ الرُّطَبُ والتَّمرُ جِنسًا واحِدًا، أو جِنْسينِ مُختلِفينِ، فإن كانا جِنسًا واحِدًا، فلا بأسَ ببيع بَعضِهِ ببعضٍ، مِثلًا بمِثلٍ يدًا بيدٍ، وإن كانا جِنْسينِ فذلك أحْرَى أن يجُوز مُتفاضِلًا، ومِثلًا بمِثل، لقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اختلَفَ الجِنسانِ، فبِيعُوا كيف شِئتُم" (١).

قال: وإنَّما يُراعى الرِّبا في حالِ العَقدِ، ولا يُراعى في المآلِ.

والحُجَّةُ عليه للشّافِعِيِّ، ومن قال بقولِهِ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد راعى المآلَ في حديثِ سعدِ بن أبي وقّاصٍ، وقال: "أينقُصُ الرُّطبُ إذا يبِسَ؟ ". فهذا نصٌّ واضِحٌ في مُراعاةِ المآلِ.

وقد نصَّ أيضًا على بيع العِنَبِ بالزَّبِيبِ: أنَّهُ لا يجُوزُ أصلًا، فكذلك الرُّطبُ بالتَّمرِ، وسنُبيِّنُ معنى قولِهِ: "أينقُصُ الرُّطبُ؟ " في آخِرِ هذا البابِ إن شاءَ الله.

واختلفَ الفُقهاءُ أيضًا في بيع الرُّطبِ بالرُّطبِ، والبُسرِ بالرُّطبِ.

فقال مالكٌ (٢) وأبو حنِيفةَ وأصحابُهُما (٣): لا بأسَ ببيع الرُّطبِ بالرُّطبِ مِثلًا بمِثل، ولا بأسَ ببيع البُسرِ بالبُسرِ (٤) مِثلًا بمِثل (٥).

وقال أبو حنِيفةَ: يجُوزُ بيعُ البُسرِ بالرُّطبِ مِثلًا بمِثلٍ. وهُو قولُ داود.


(١) سلف بنحوه، وانظر تخريجه في موضعه.
(٢) انظر: المدونة ٣/ ١٤٦.
(٣) قوله: "وأصحابهما" لم يرد في د ٢.
(٤) في ت: "بالرطب".
(٥) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٣٧، ومنه نقل المصنِّف هذه الأقوال والتي بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>