للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطلاقِها ثلاثًا، كما أنَّ قولهُ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] قد عمَّ المُطلَّقاتِ ذواتِ الأقراءِ.

وقولُهُ في نسقِ الآيةِ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ} [الطلاق: ٢] راجِعٌ إلى من لم يُبلَغْ بطلاقِها الثلاث.

وفي ذلك إباحَةُ إيقاع ما شاءَ المُطلِّقُ من الطَّلاقِ، وظاهِرُ حديثِ ابن عُمر يشهدُ بهذا؛ لأنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمرهُ (١) أن يُراجِعَ امرأتهُ، ثُمَّ يُمهِلها حتّى تطهُر، ثُمَّ تحيضَ، ثُمَّ تطهُرَ، ثُمَّ إن شاءَ طلَّق، وإن شاءَ أمسكَ. ولم يحظر طلاقًا من طلاقٍ، ولا عددًا من عددٍ في الطَّلاقِ.

قالوا: فلهُ أن يُطلِّقَ كم شاءَ، إذا كانت مدخُولًا بها، وإن كانت غيرَ مدخُولٍ بها، طلَّقها كم شاءَ، ومتى شاءَ، طاهِرًا وحائضًا؛ لأنَّهُ لا عِدَّةَ عليها.

ومِمّا احتجُّوا به أيضًا: أنَّ العَجْلانيَّ طلَّقَ امرأتهُ بعدَ اللِّعان ثلاثًا، فلم يُنكِرهُ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (٢).

وأنَّ رِفاعةَ بن سِمْوالٍ طلَّقَ امرأتهُ ثلاثًا، فلم يُنكِرْ عليه رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (٣).

وأنَّ رُكانةَ طلَّقَ امرأتهُ البتَّةَ، فقال لهُ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أردتَ بها؟ " (٤).

فلو أرادَ ثلاثًا، لكانت ثلاثًا، ولم يُنكِر ذلك عليه رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-.

وأنَّ فاطِمةَ ابنةَ قَيْسٍ طلَّقها زَوْجُها ثلاثًا؛ كذلكَ ذكرهُ الشَّعبيُّ، عن فاطِمةَ (٥).


(١) في الأصل، م: "أقره".
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٧٦، ٧٧ (١٦٤٢).
(٣) أخرجه مالك في الموطأ أيضًا ٢/ ٣٦ (١٥١٦).
(٤) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه.
(٥) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه، وكذا ما بعده، سوى ما نخرجه هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>