للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الدَّليلِ أيضًا على أنَّ صلاةَ النَّهارِ مَثْنَى مَثْنَى، كصلاةِ اللَّيل سواءٌ: أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يُصلِّي قبلَ الظُّهرِ رَكْعتينِ، وبعدها رَكْعتينِ، وبعدَ الجُمُعةِ رَكْعتينِ، وبعد المغرِبِ رَكْعتين (١)، ورَكْعتي الفَجْر (٢). وكان إذا قدِمَ من سَفرٍ صَلَّى في المَسجدِ رَكْعتينِ قبلَ أن يدخُل بيتهُ (٣). وصلاةُ: الفِطْرِ، والأضْحَى (٤)، والاسْتِسقاء (٥)، وقال: "إذا دخَلَ أحدُكُمُ المَسجدَ، فليَرْكع رَكْعتين" (٦). ومِثلُ هذا كثيرٌ.

ودليلٌ آخرُ: أنَّ العُلماءَ لمّا اختلَفُوا في صَلاةِ النّافِلةِ بالنَّهارِ، وقامَ الدَّليلُ على حُكم صَلاةِ النّافِلةِ باللَّيل، وجبَ ردُّ ما اختلفُوا فيه، إلى ما أجمعُوا عليه، قياسًا.

واختلَفَ العُلماءُ القائلُونَ بأنَّ صَلاةَ اللَّيل يُجلَسُ في كلِّ رَكْعتينِ منها، في قول رسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلاةُ اللَّيل مَثْنَى مَثْنَى": هل يَقْتضي مع الجُلُوسِ تَسْليمًا، أم لا؟ فقال منهُم قائلُونَ: لا يَقْتضي قولُهُ هذا إلّا الجُلُوسَ دُونَ التَّسليم، فمن شاءَ أوتَرَ بثلاثٍ، ومن شاءَ أوتَرَ بخَمْس، ومن شاءَ أوتَرَ بسبع، ومن شاءَ أوتَرَ بتِسع، ومن شاءَ أوتَرَ بإحدى عَشْرةَ ركعةً، لا يُسلِّمُ إلّا في أَخِرِهِنَّ.

ورُوِيَ ذلك عن جماعَةٍ من السَّلفِ، من الصَّحابةِ والتّابِعين، وهُو قولُ الثَّوريِّ (٧).


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٣٥ (٤٥٩) من حديث ابن عمر.
(٢) أخرجه أيضًا مالك في الموطأ ١/ ١٨٦ (٣٣٦) من حديث ابن عمر.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٢٥/ ٥٤ (١٥٧٧٤، ١٥٧٧٥)، والبخاري (٣٠٨٨)، ومسلم (٧١٦) من حديث كعب بن مالك.
(٤) أخرجه البخاري (٩٦٤)، ومسلم (٨٨٤) من حديث ابن عباس.
(٥) أخرجه أحمد في مسنده ٢٦/ ٣٩٠ (١٦٤٦٨)، والبخاري (١٠٢٤)، ومسلم (٨٩٤) (٤) من حديث عبد الله بن زيد.
(٦) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٣٠ (٤٤٧).
(٧) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٢٦ (١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>