للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعدٌ على العراقِ، فقَتَل قومًا على ردَّةٍ فأضَرَّ بهم، واسْتَتابَ قومًا سَجَعوا سَجْعَ مُسَيْلِمَةَ فتابُوا فانتَفَعُوا (١).

قال أبو عُمر: ممَّا يُشْبِهُ قولَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لسعدٍ (٢) هذا الكلامَ، قولُه للرجلِ الشَّعِثِ الرَّأْسِ: "ما لَه، ضَرَب اللهُ عُنُقَه؟ ". فقال: الرجلُ في سبيلِ الله؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "في سبيلِ الله". فقُتِل الرجلُ في تلك الغَزَاةِ (٣).

ومثلُه قولُه - صلى الله عليه وسلم - في غزو مُؤْتةَ: "أميرُكم زيدُ بنُ حارثةَ، فإن قُتِل فجعفرُ بنُ أبي طالبٍ، فإن قُتِل فعبدُ الله بنُ رواحةَ". فقال بعضُ أصحابِه: نَعَى إليهم أنفُسَهم. فقُتِلوا ثَلاثَتهم في تلك الغَزَاةِ (٤).

ومثلُ ذلك قصةُ عامِرِ بنِ سنانٍ حينَ ارْتَجز برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - سيرِه إلى خيبرَ، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "غفَر لك ربُّك يا عامرُ". فقال له عمرُ: يا رسولَ الله، لو أمْتَعْتَنا به؟ قال: وذلك أنَّه ما استَغْفَر لإنسانٍ قَطُّ يَخصُّه بذلك إلَّا اسْتُشْهِد، فاسْتُشْهِد عامِرٌ يومَ خيبرَ (٥).

وهذا كلُّه ليس بتصريح مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في القولِ، ولا يَبِين في المرادِ والمعنى، ولكنَّه كان يخرُجُ كلُّه كما ترَى، وقد خُلِّفَ سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ بعدَ


(١) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ١٣/ ٢٢٢ بإثر الحديث (٥٢٢٣)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٠/ ٣٣٧ من طريقين عن عبد الله بن وهب، به.
وذكره الجوهريّ في مسند الموطأ، ص ٢٠٧ بإثر الحديث (٢١٧) عن ابن وهب، به.
(٢) قوله: "لسعد" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في ف ٢، ج.
(٣) أخرجه مالك في الموطّأ ٢/ ٤٩٧ (٢٦٤٤) عن زيد بن أسلم، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. وهو الحديث الثاني لزيد بن أسلم، وقد سلف تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٤) سلف تخريجه في سياق شرح الحديث المشار إليه في التعليق السابق.
(٥) سلف تخريجه في سياق شرح الحديث المشار إليه في التعليق السابق أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>