للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكر بنُ أبي داودَ: ليسَ يُروى عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حديثٌ صحيح أنّه كبَّر على جنازةٍ أربعًا إلّا هذا، ولم يروه إلّا سلمةُ بنُ كُلثوم، وهو ثقةٌ، من كبارِ أصحابِ الأوزاعيِّ. قال: وإنَّما يُروى عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- من وجْهٍ ثابِتٍ أنّه كبَّر على قبرٍ أربعًا، وأنَّه كبَّر على النَّجاشيِّ أربعًا؛ وأمَّا على جنازةٍ أربعًا هكذا، فلا، إلّا حديثَ سلمةَ بنِ كُلثوم هذا.

قال أبو عمر: أمَّا صحيح، فلا، كما قال ابنُ أبي داود، وقد جاءَتْ أحاديثُ ضعافٌ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كبَّر على جنازةٍ أربعًا؛ منها حديثٌ رواه المغيرةُ بنُ عبدِ الرحمنِ المخزوميُّ، الفقِيهُ المدنيُّ المفتي بها، وكان ثقةً، عن خالدِ بنِ إلياس، وهو ضعيفٌ عندَ جميعهم، عن إسماعيلَ بنِ عمرِو بنِ سعدِ بنِ العاص، وكان ثقة، عن عثمانَ بنِ عبدِ الله بنِ الحكم، عن عثمانَ بنِ عفَّانَ، أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- صلَّى على عثمانَ بنِ مظعون، فكبَّر عليه أربعًا (١).

قال أبو عمر: اختلَفَ السَّلفُ في عددِ التَّكبير على الجنازة، ثم اتَّفقوا على أربع تكبيرات، وما خالفَ ذلك شُذوذٌ يُشبِهُ البدعةَ والحدث.

حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح (٢)، قال: حدَّثنا موسى بنُ مُعاوية، عن وكيع، عن سفيانَ، عن الأعمش (٣)، عن أبي وائل، قال: جمع عمرُ الناس، فاستشارَهم في التَّكبيرِ على


(١) أخرجه ابن ماجة (١٥٠٢)، والبغوي في معجم الصحابة ٤/ ٣٤٠ (١٧٨٩)، وابن عدي في الكامل ٣/ ٦ من طرقٍ عن المغيرة بن عبد الرحمن، به. وقال ابن عديّ: ولخالد بن إلياس غير ما ذكرت القليلُ، وأحاديثُه كأنّها غرائبُ وإفرادات عن مَنْ يُحدِّث عنهم، ومع ضعفه يُكتب حديثُه.
(٢) هو محمد بن وضّاح بن بزيع، مولى عبد الرحمن بن معاوية الأمويّ.
(٣) هكذا في النسخ، والمحفوظ أنَّ سفيان رواه عن عامر بن شقيق، وينظر التعليق الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>