للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عمر: لو صحَّ هذا لم تكنْ فيه حُجَّةٌ؛ لأنَّ ابنَ مسعودٍ قد قال: هو لك. ولم يقل: هو لجماعةِ المسلمين. وإنّما جعَلَه في بيتِ المال؛ لأنّ ذلك حُكمُ كلِّ مالٍ يَدفَعُه ربُّه عن نفسِه إلى غير مالكٍ مُعيَّنٍ، وكذلكَ فعَل عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه في طارقِ بنِ المرَقَّع؛ ذكَره وكيعٌ، عن بسطامَ بن مسلم، عن عطاءِ بن أبي رباحٍ، أنَّ طارقَ بن المرقَّع أعتَقَ عبدًا له فمات وترَك مالًا، فعُرِض على طارقٍ فأبَى وقال: إنَّما جعَلتُه للّه، ولستُ آخُذُ ميراثَه. فكتَب فيه إلى عمرَ، فكتَب عمرُ؛ أنِ اعرِضوا على طارقٍ الميراثَ، فإن قبِلَه وإلا فاشتَرُوا به رَقيقًا فأعتِقُوهم. فبلَغ خمسةَ عشَرَ، أو ستةَ عشَرَ رأسًا (١).

وأمَّا أهلُ المدينةِ فأكثرُهم على أنَّ السائبةَ ميراثُه لجماعةِ المسلمينَ. وممَّن رُوِي هذا عنه منهم؛ ابنُ شهابٍ، وربيعةُ (٢)، وأبو الزِّناد. وهو قولُ عمرَ بن عبد العزيز، وأبي العالية، وعطاءٍ، وعمرو بن دينارٍ (٣).

وقال سفيانُ الثوريُّ في قول عمرَ: السائبةُ ليومِها (٤). قال: يعني يومَ القيامة، لا يُرجَعُ في شيءٍ منها إلى يومِ القيامة.

وذكَر ابنُ وهبٍ، عن أسامةَ بن زيدٍ، عن نافع: أنَّ ابنَ عمرَ كان إذا أعتَقَ سائبةً لم يَرِثْه.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٢٠٨٦) عن وكيع بن الجرّاح، به. وإسناده ضعيف لجهالة طارق بن المُرقّع، فقد تفرَّد بالرواية عنه عطاء بن أبي رباح، ولم يوثّقه أحد، ولذلك ذكره الذهبي في "الميزان" ٢/ ٣٣٣ (٣٩٦٨). ينظر: تحرير التقريب (٣٠٠٦).
(٢) هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن، المعروف بربيعة الرأي. وأبو العالية: هو رُفيع بن مهران الرياحي.
(٣) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٩/ ٢٦، ٢٧ (١٦٢٢٧) و (١٦٢٢٨) و ٩/ ٢٩ (١٦٢٣٥)، والمدوّنة ٢/ ٥٥٩، والأوسط لابن المنذر ٧/ ٥٢٩ - ٥٣١.
(٤) سلف تخريجه في الصفحة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>