للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابنُ عبدِ الحَكَم، عن مالك: العَرِيّةُ أنْ يُعْرِي الرجلُ الرجلَ ثَمَرةَ نَخْلَةٍ له أو نَخَلات فيَمْلِكَها المُعْرَى، ثم يَبْتاعَها المُعْري من المُعْرَى بما شاء من الثمن (١)، ولا يَبْتاعُها منه بخَرْصِها تَمْرًا إلّا المُعْرِي؛ لأنَّ الرُّخْصَةَ فيه ورَدَتْ.

فهذه (٢) جُمْلة قَوْل مالك وتَحْصِيل مذهبه عندَ جماعةِ أصحابه.

وقد روَى ابنُ نافع وغيرُه، عن مالك، في رَجُل له نَخْلتان في حائطِ رَجُل، فقال له صاحبُ الحائط: أنا آخُذُها بخَرْصِها إلى الجَداد. قال: إن كانَ ذلك منه للمَرْفِقِ يُدْخِلُه عليه، يعني على صاحبِ النَّخْلتَيْن، فلا بأسَ به.

قال مالك: وإنْ كان كَرِه دُخولَه ولم يُرِدْ أنْ يَكْفِيَه مُؤْنةَ السَّقْي، فهذا على وجهِ البيع، ولا أُحِبُّه.

فهذه الرِّوايةُ عن مالكٍ على خِلافِ أصلِه في العَرِيّةِ أنّها هِبَةُ الثّمَرَة، وأنّ الواهِبَ هو الذي رُخِّصَ له في شرائِها، على ما ذكَرْنا؛ لأنَّ هذا لم يُوهَبْ له ثَمَرُ نَخْل، بل هو مالِكُ رِقابِ نَخْل مقدارُها خمسةُ أوْسُقٍ أو دون، أُبِيحَ له بيعُ ثمرتِها بالخرصِ إلى الجَدادِ بالتَّمْر. وهي رِوايةٌ مشهورةٌ عنه بالمدينةِ وبالعراق، إلّا أن العراقيين رَوَوْها عنه بخلافِ شيءٍ من معناها؛ وذلك أنَّ الطحاويَّ ذكَرَها (٣) عن ابن أبي عِمْران، عن محمدِ بنِ شُجاع، عن ابن نافع، عن مالك، أنَّ العَرِيّةَ: النَّخْلةُ والنَّخْلتانِ للرجل (٤) في حائطٍ لغيرِه، والعادةُ بالمدينةِ أنَّهم يَخرُجون بأهْلِهم في وقتِ الثِّمار إلى حَوائطِهم، فيَكرَهُ صاحبُ النَّخل الكثيرِ دُخولَ الآخَرِ عليه، فيقول: أنا أُعْطِيك خَرْصَ نخلَتِك تَمْرًا. فرَخَّصَ لهما في ذلك.


(١) في ك ٢: "التمر"، محرفة.
(٢) هذه الفقرة من ك ٢.
(٣) في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١٢١.
(٤) "للرجل" لم يرد في ك ٢، وهو ثابت عند الطحاوي الذي ينقل منه المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>