للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَفْسَدَةٌ وَلَا مَضَرَّةٌ بِزَيْدٍ وَلَا بِأَحَدٍ، بَلْ كَانَ مُسْتَجِرًّا مَصَالِحَ نَاهِيكَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا: أَنَّ بِنْتَ عَمَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أمنت الأئمة وَالضَّيْعَةَ وَنَالَتِ الشَّرَفَ وَعَادَتْ أُمًّا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، إِلَى مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فِي قَوْلِهِ: لِكَيْ لَا يَكُونَ الْآيَةَ. انْتَهَى مَا اخْتَرْنَاهُ مِنْ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ. وَقَوْلُهُ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ فِيهِ وُصُولُ الْفِعْلِ الرَّافِعِ الضَّمِيرَ الْمُتَّصِلِ إِلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ وَهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ:

هَوِّنْ عَلَيْكَ ودع عنك نهيا صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ وَذَكَرُوا فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ أن على وعن اسْمَانِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا حَرْفَيْنِ، لِامْتِنَاعِ فَكَّرَ فِيكَ، وَأَعْنِي بِكَ، بَلْ هَذَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ النَّفْسُ، أَيْ فَكِّرْ فِي نَفْسِكَ، وَأَعْنِي بِنَفْسِكَ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذَا فِي قَوْلِهِ: وَهُزِّي إِلَيْكِ «١» ، وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ «٢» . وَقَالَ الْحَوْفِيُّ: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ: مُسْتَأْنَفٌ، وَتَخْشَى: مَعْطُوفٌ عَلَى وَتُخْفِي. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَاوُ الْحَالِ، أَيْ تَقُولُ لِزَيْدٍ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ، مُخْفِيًا فِي نَفْسِكَ إِرَادَةَ أَنْ لَا يُمْسِكَهَا، وَتُخْفِي خَاشِيًا قَالَةَ النَّاسِ، أَوْ وَاوُ الْعَطْفِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَأَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ قَوْلِكَ: أَمْسِكْ، وَإِخْفَاءِ قَالَةِ، وَخَشْيَةِ النَّاسِ. انْتَهَى. وَلَا يَكُونُ وَتُخْفِي حَالًا عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، أَيْ وَأَنْتَ تُخْفِي، لِأَنَّهُ مُضَارِعٌ مُثْبَتٌ، فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْوَاوُ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ الْإِضْمَارِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ قَلِيلٌ نَادِرٌ، لَا يُبْنَى عَلَى مِثْلِهِ الْقَوَاعِدُ وَمِنْهُ قَوْلِهِمْ: قُمْتُ وَأَصُكُّ عَيْنَهُ، أَيْ وَأَنَا أَصُكُّ عَيْنَهُ. وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ: تَقَدَّمَ إِعْرَابُ نَظِيرِهِ فِي التَّوْبَةِ «٣» .

فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً: أَيْ حَاجَةً، قِيلَ: وَهُوَ الْجِمَاعُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.

وَرَوَى أَبُو عِصْمَةَ: نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، بِإِسْنَادٍ رَفَعَهُ إِلَى زَيْنَبَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا كُنْتُ أَمْتَنِعُ مِنْهُ، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ مَنَعَنِي مِنْهُ. وقيل: إنه مد تَزَوَّجَهَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا. وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَرَّمُ ذَلِكَ مِنْهُ حين يريد أن يقربها. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْوَطَرُ هُنَا: الطَّلَاقُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:

زَوَّجْناكَها، بِنُونِ الْعَظَمَةِ

وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَخَوَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَأَبُوهُمْ عَلِيٌّ: زَوَّجْتُكَهَا، بِتَاءِ الضَّمِيرِ لِلْمُتَكَلِّمِ.

وَنَفَى تَعَالَى الْحَرَجَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِجْرَاءِ أَزْوَاجِ المتبنين مجرى أزواج البنين فِي تَحْرِيمِهِنَّ عَلَيْهِنَّ بَعْدَ انْقِطَاعِ عَلَائِقِ الزَّوَاجِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ. وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ: أَيْ مُقْتَضَى أَمْرِ اللَّهِ، أَوْ مُضَمَّنُ أَمْرِهِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَإِلَّا فَالْأَمْرُ


(١) سورة مريم: ١٩/ ٢٥.
(٢) سورة القصص: ٢٨/ ٣٢.
(٣) سورة التوبة: ٩/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>