للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّنْبَ، وَكَسَبَ زَيْدٌ الْمَالَ، وَيَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ جَرَّمْتُ زَيْدًا الذَّنْبَ، وَكَسَّبْتُ زَيْدًا الْمَالَ.

وَبِالْأَلِفِ يَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ أَيْضًا، أَجْرَمَ زَيْدٌ عَمْرًا الذَّنْبَ، وَأَكْسَبْتُ زَيْدًا الْمَالَ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي جَرَمَ فِي الْعُقُودِ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وَالْجَحْدَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَرُوِيَتْ عَنْ نَافِعٍ: مِثْلَ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَخُرِّجَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أن تَكُونَ الْفُتْحَةُ فُتْحَةَ بِنَاءٍ، وَهُوَ فَاعِلٌ كَحَالِهِ حِينَ كَانَ مَرْفُوعًا، وَلَمَّا أُضِيفَ إِلَى غَيْرِ مُتَمَكِّنٍ جَازَ فِيهِ الْبِنَاءُ، كَقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ. وَالثَّانِي: أن تكون الفتحة فتحة إِعْرَابٍ، وَانْتَصَبَ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: إِصَابَةً مِثْلَ إِصَابَةِ قَوْمِ نُوحٍ. وَالْفَاعِلُ مُضْمَرٌ يُفَسِّرُهُ سِيَاقُ الْكَلَامِ أَيْ: أَنْ يُصِيبَكُمْ هُوَ أَيِ الْعَذَابُ. وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ، إِمَّا فِي الزَّمَانِ لِقُرْبِ عَهْدِ هَلَاكِهِمْ مِنْ عَهْدِكُمْ، إِذْ هُمْ أَقْرَبُ الْهَالِكِينَ، وَإِمَّا فِي الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي وَمَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْهَلَاكُ. وَأَجْرَى بَعِيدًا عَلَى قَوْمٍ إِمَّا بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ أَوِ الْمَكَانِ، أَيْ: بِزَمَانٍ بَعِيدٍ، أَوْ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ. أَوْ بِاعْتِبَارِ مَوْصُوفٍ غَيْرِهِمَا أَيْ: بِشَيْءٍ بَعِيدٍ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مُضَافٍ إِلَى قَوْمٍ أَيْ: وَمَا إِهْلَاكُ قَوْمِ لُوطٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يُسَوَّى فِي قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ وَكَثِيرٍ وَقَلِيلٍ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ، وَبَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، كَمَا قَالُوا: هُوَ صَدِيقٌ، وَهُمْ صَدِيقٌ، وَهِيَ صَدِيقٌ، وَهُنَّ صديق. وودود بِنَاءُ مُبَالَغَةٍ مِنْ وَدَّ الشَّيْءَ أَحَبَّهُ وَآثَرَهُ، وَهُوَ عَلَى فَعَلَ. وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ: وَدَدَتُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَالْمَصْدَرُ ود ووداد وَوِدَادَةً. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَدُودٌ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَدُودٌ مُتَحَبِّبٌ إِلَى عِبَادِهِ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ. وَقِيلَ: مَحْبُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَتُهُ لِعِبَادِهِ، وَمَحَبَّتُهُ لَهُمْ سَبَبٌ فِي اسْتِغْفَارِهِمْ وَتَوْبَتِهِمْ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا وَفَّقَهُمْ إِلَى اسْتِغْفَارِهِ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، فَهُوَ يَفْعَلُ بِهِمْ فِعْلَ الْوَادِّ بِمَنْ يَوَدُّهُ مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ.

قالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ قالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ: كَانُوا لَا يُلْقُونَ إِلَيْهِ أَذْهَانَهُمْ، وَلَا يُصْغُونَ لِكَلَامِهِ رَغْبَةً عَنْهُ وَكَرَاهَةً لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ «١»


(١) سورة الأنعام: ٦/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>