للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زِيَادَةِ لَا هُنَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهَا وَالْمَعْنَى عَلَى كَوْنِهَا نَافِيَةً صَحِيحٌ وَاضِحٌ، وأَلَّا تَأْكُلُوا أَصْلُهُ فِي أَنْ لَا تَأْكُلُوا فَحَذَفَ فِي الْمُتَعَلِّقَةَ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ لَكُمُ الْوَاقِعُ خَبَرًا لِمَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ وَنَفْيُ أَلَّا تَأْكُلُوا عَلَى الْخِلَافِ أَهْوَ مَنْصُوبٌ أَوْ مَجْرُورٌ وَمَنْ ذَهَبَ إلى أَلَّا تَأْكُلُوا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ تَارِكِينَ الْأَكْلَ فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ أَنْ وَمَعْمُولَهَا لَا يَقَعُ حَالًا وهذا منصوص عليه من سِيبَوَيْهِ، وَلَا نَعْلَمُ مُخَالِفًا لَهُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ وَلَهُ عِلَّةٌ مَذْكُورَةٌ فِي النَّحْوِ وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ:

وَقَدْ فَصَّلَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. وَقَرَأَ الْعَرَبِيَّانِ وَابْنُ كَثِيرٍ فصل وحرم مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَنَافِعٌ وَحَفْصٌ فصل وحرم عَلَى بِنَائِهِمَا لِلْفَاعِلِ وَالْأَخَوَانِ وَأَبُو بَكْرٍ فَصَّلَ مَبْنِيًّا للفاعل وحرم مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَعَطِيَّةُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ الصَّادَ ومعنى إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ مِنْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ لَكُمْ فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَمَا يُرِيدُ بِهَا جَمِيعُ مَا حَرَّمَ كَالْمَيْتَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ هُوَ وَالْحَوْفِيُّ، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَوِ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: مَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْجِنْسِ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى كَأَنَّهُ وَبَّخَهُمْ بِتَرْكِ الْأَكْلِ مِمَّا سُمِّيَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ إِبَاحَةَ الْأَكْلِ مُطْلَقًا.

وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَيْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْكُفَّارِ الْمُجَادِلِينَ فِي الْمَطَاعِمِ وَغَيْرِهَا لَيُضِلُّونَ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ وَبِأَهْوَائِهِمْ وَشَهَوَاتِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، أَيْ بِغَيْرِ شَرْعٍ مِنَ اللَّهِ بَلْ بِمُجَرَّدِ أَهْوَائِهِمْ كَعَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ وَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَأَبِي الْأَحْوَصِ بْنِ مَالِكٍ الْجَشْمِيِّ وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيِّ وَحُلَيْسِ بْنِ يَزِيدَ الْقُرَشِيِّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْبَحَائِرَ وَالسَّوَائِبَ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو لَيُضِلُّونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ هُنَا وَفِي يُونُسَ رَبَّنا لِيُضِلُّوا «١» وَفِي إِبْرَاهِيمَ أَنْداداً لِيُضِلُّوا «٢» وَفِي الْحَجِّ ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ «٣» وَفِي لُقْمَانَ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ «٤» وَفِي الزُّمَرِ أَنْداداً لِيُضِلَّ «٥» وَضَمَّهَا الْكُوفِيُّونَ فِي السِّتَّةِ وَافَقَهُمُ الصَّاحِبَانِ إِلَّا فِي يُونُسَ وَهُنَا فَفَتَحَ.

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ أَيْ بِالْمُجَاوِزِينَ الْحَدَّ فِي الِاعْتِدَاءِ فَيُحَلِّلُونَ وَيُحَرَّمُونَ مِنْ غَيْرِ إِذَنِ اللَّهِ وَهَذَا إِخْبَارٌ يَتَضَمَّنُ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ لِمَنِ اعْتَدَى أَيْ فَيُجَازِيهِمْ عَلَى اعتدائهم.


(١) سورة يونس: ١٠/ ١١.
(٢) سورة إبراهيم: ١٤/ ٣٠.
(٣) سورة الحج: ٢٢/ ٩.
(٤) سورة لقمان: ٣١/ ٦.
(٥) سورة الزمر: ٣٩/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>