وَقَالَ أَحْمَدُ: كُنْتُ أَقُولُ الْقُرْءُ الطُّهْرُ، وَأَنَا الْآنَ أَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ الْحَيْضُ.
وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الْقُرْءَ: الِانْتِقَالُ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ، وَلَا يَرَى الِانْتِقَالَ مِنَ الْحَيْضِ إِلَى الطُّهْرِ قُرْءًا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ الْخُرُوجُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى حَيْضٍ، أَوْ مِنْ حَيْضٍ إِلَى طُهْرٍ. وَلِذِكْرِ تَرْجِيحِ كُلِّ قَائِلٍ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَكَانٌ غَيْرُ هَذَا.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِثَلَاثَةِ الْقُرُوءِ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْقُرْءَ الْحَيْضُ يَقُولُ، إِذَا طُلِّقَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُوطَأْ فِيهِ اسْتَقْبَلَتْ حَيْضَةً ثُمَّ حَيْضَةً ثُمَّ حَيْضَةً ثُمَّ تَغْتَسِلُ، فَبِالْغُسْلِ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ.
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ: «أَنَّ زَوْجَهَا أَحَقُّ بِرَدِّهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ»
حَتَّى قَالَ شُرَيْكٌ: لَوْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ، فَلَمْ تَغْتَسِلْ عِشْرِينَ سَنَةً، كَانَ زَوْجُهَا أَحَقَّ بِالرَّجْعَةِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ الْغُسْلَ لَا دُخُولَ لَهُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدٍ، وَابْنِ عمر، وَعَائِشَةَ: إِذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ، فَإِذَا طُلِّقَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ، اعْتَدَّتْ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ، وَلَوْ سَاعَةً، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ طُهْرًا ثَانِيًا بَعْدَ حَيْضَةٍ، ثُمَّ ثَالِثًا بَعْدَ حَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ، فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ وَخَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ بِأَوَّلِ نُقْطَةٍ تَرَاهَا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَدَاوُدُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تَنْقَطِعُ الْعِصْمَةُ وَالْمِيرَاثُ إِلَّا بِتَحَقُّقِ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ دَفْعَةَ دَمٍ مِنْ غَيْرِ الْحَيْضِ، وَكُلُّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْقُرْءَ الْأَطْهَارُ، يَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ، وَشَذَّ ابْنُ شِهَابٍ فَقَالَ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ سِوَى بَقِيَّةِ ذَلِكَ الطُّهْرِ، وَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ حَتَّى تَدْخُلَ فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ثَلاثَةَ قُرُوءٍ، وَلَوْ طُلِّقَتْ فِي الْحَيْضِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالشُّرُوعِ فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنَ الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ، وَقَالَ: إِذَا طَهُرَتْ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ لِأَوَّلِهِ، فَلَا تَنْقَضِي حَتَّى تَغْتَسِلَ، أَوْ تَتَيَمَّمَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا وَقْتُ الصَّلَاةِ.
وَظَاهِرُ عُمُومِ الْمُطَلَّقَاتِ دُخُولُ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ فِي الِاعْتِدَادِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ،