للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقال الشيخ أبو الحسن الندوي (المتوفى: ١٤٢٠) كما في حاشية رسالة التوحيد للشهيد إسماعيل الدهلوي عند تعليقه على قول الدهلوي السابق "وقد اعتاد بعض الناس إذا عرضت لهم حاجة، أو ألمت بهم ملمة، أن يقرؤوا وِرد "يا شيخ عبد القادر جيلاني شيئا لله" في عدد مخصوص ومدة معينة:

"ذهب أكثر فقهاء المذهب ومحققو الصوفية إلى عدم إباحة هذا الورد، ولهم في ذلك مقالات وفتاوى، ... وليت شعري ما ألجأ الناس إلى ذلك، والله أقرب من كل قريب، وأرحم من كل رحيم، وهو القائل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} والقائل: {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}.

وقد جاء في وصية الإمام الشيخ عبد القادر الكيلاني نفسه لابنه الشيخ عبد الوهاب "وكِل الحوائج كلها إلى اللَّه عز وجل واطلبها منه، ولا تثق بأحد سوى اللَّه عز وجل، ولا تعتمد إلا عليه سبحانه، التوحيد، التوحيد، التوحيد" (١).

وقال أيضًا مبينًا حالة كثير من المسلمين في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية: "كانت العقائد الشركية قد نالت رواجًا بين عامة المسلمين بسبب اختلاطهم مع أصناف من المشركين ونفوذ الدولة الفاطمية الباطنية الإسماعيلية وانتشار الصوفية، فكانوا يحملون من العقائد الشركية في الأولياء والصالحين والمشايخ ما كان يعتقده اليهود والنصارى والمشركون من الطواف حول القبور والاستغاثة بأصحابها، والحج إليها، وبناء المساجد الفخمة عليها وعقد المهرجانات عليها عاما مقامًا، والنذور إلى القبور، وقد عمت وطمت هذه العقائد إلى أن جعلوا الميت كالإله، والشيخ الحي كالنبي، وكانوا قد عزلوا الله تعالى عن أن يتخذوه إلهًا، وعزلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يكون رسولًا، وارتكبوا ما كان محض دين المشركين والنصارى، وقد وصلوا في عبادة القبور والسجود إليها ودعاء أصحابها وجعل القبور قبلة وكعبة إلى حد كان هؤلاء القبوريون المشركون بالقبور يجدون عند عبادة القبور من الرقة والخشوع والدعاء وحضور القلب ما لا يجده أحدهم في مساجد الله، إلى أن كان الفسقة الفجرة أصحاب الكبائر من هؤلاء القبورية لا يتحاشون الكبائر، ولكن إذا رأوا الميت أو الهلال فوق رأس قبة القبر المعبود خشوا من فعل الفواحش، فيخشون المدفون تحت الهلال ولا يخشون خالق الأكوان، وكانوا يحلفون بالله بالكذب ولا يحلفون بالميت كذبًا، فكانوا في الشرك كما كان قوم إبراهيم حيث قال لهم: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا} وكان بعضهم يفضِّل شيخه على الأنبياء والمرسلين ويعتقد فيه الإلهية كالنصارى إلى غير ذلك في الكفريات والشركيات التي تدل على أن القبورية الوثنية قد عمت العباد وطمت البلاد إلا من شاء الله تعالى" (٢).


(١) حاشية رسالة التوحيد للشهيد إسماعيل الدهلوي (ص: ١٦١).
(٢) رجال الفكر والدعوة في الإسلام (٢/ ١٧١ - ١٨٤) دار القلم - الكويت.

<<  <   >  >>