للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا فَتًى مِنْ بَنِي جَاكَانَ قَدْ نَزَلَا ... بِهِ الصِّبَا عَنْ لِسَانِ الْعُرْبِ قَدْ عَدَلَا

رَمَتْ بِهِ هِمَّةٌ عَلْيَاءُ نَحْوَكُمْ ... إِذْ شَامَ بَرْقَ عُلُومٍ نُورُهُ اشْتَعَلَا

فَجَاءَ يَرْجُو رُكَامًا مِنْ سَحَائِبِهِ ... تَكْسُو لِسَانَ الْفَتَى أَزْهَارُهُ حُلَلًا

إِذْ ضَاقَ ذَرْعًا بِجَهْلِ النَّحْوِ ثُمَّ أَبَا ... أَلَّا يُمَيِّزَ شَكْلَ الْعَيْنِ مِنْ فَعَلَا

قَدْ أَتَى الْيَوْمَ صَبًّا مُولَعًا كَلِفًا ... بِالْحَمْدِ لِلَّهِ لَا أَبْغِي لَهُ بَدَلًا

يُرِيدُ دِرَاسَةَ لَامِيَّةِ الْأَفْعَالِ.

وَقَدْ مَضَى رَحِمَهُ اللَّهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ قُدُمًا وَقَدْ أَلْزَمَهُ بَعْضُ مَشَايِخِهِ بِالْقِرَانِ. أَيْ أَنَّ يَقْرِنَ بَيْنَ كُلِّ فَنَّيْنِ حِرْصًا عَلَى سُرْعَةِ تَحْصِيلِهِ وَتَفَرُّسًا لَهُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَانْصَرَفَ بِهِمَّةٍ عَالِيَةٍ فِي دَرْسٍ وَتَحْصِيلٍ.

وَقَدْ خَاطَبَهُ بَعْضُ أَقْرَانِهِ فِي أَمْرِ الزَّوَاجِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ، وَفِي الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ:

دَعَانِي النَّاصِحُونَ إِلَى النِّكَاحِ ... غَدَاةَ تَزَوَّجَتْ بِيضُ الْمِلَاحِ

فَقَالُوا لِي تَزَوَّجْ ذَاتَ دَلٍّ ... خَلُوبَ اللَّحْظِ جَائِلَةَ الْوِشَاحِ

تَبَسَّمُ عَنْ نَوْشَرَةٍ رِقَاقِ ... يَمُجُّ الرَّاحَ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ

كَأَنَّ لِحَاظَهَا رَشَقَاتُ نَبْلٍ ... تُذِيقُ الْقَلْبَ آلَامَ الْجِرَاحِ

وَلَا عَجَبَ إِذَا كَانَتْ لِحَاظٌ ... لِبَيْضَاءِ الْمَحَاجِرِ كَالرِّمَاحِ

فَكَمْ قَتَلَا كَمِّيًّا ذَا وَلَاحِي ... ضَعِيفَاتُ الْجُفُونِ بِلَا سِلَاحِ

فَقُلْتُ لَهُمْ دَعُونِي إِنَّ قَلْبِي ... مِنَ الْعِيِّ الصُّرَاحِ الْيَوْمَ صَاحِي

وَلِي شَغْلٌ بِأَبْكَارٍ عَذَارَى ... كَأَنَّ وُجُوهَهَا ضَوْءُ الصَّبَاحِ

أَرَاهَا فِي الْمَهَارِقِ لَابِسَاتٍ ... بِرَاقِعَ مِنْ مَعَانِيهَا الصِّحَاحِ

أَبِيتُ مُفَكِّرًا فِيهَا فَتَضْحَى ... لِفَهْمِ الْفَدْمِ خَافِضَةَ الْجَنَاحِ

أَبَحْتُ حَرِيمَهَا جَبْرًا عَلَيْهَا ... وَمَا كَانَ الْحَرِيمُ بِمُسْتَبَاحِ

نَعَمْ، إِنَّهُ كَانَ يَبِيتُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ مُفَكِّرًا وَبَاحِثًا حَتَّى يُذَلِّلَ الصِّعَابَ، وَقَدْ طَابَقَ الْقَوْلَ الْعَمَلُ.

حَدَّثَنِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: جِئْتُ لِلشَّيْخِ فِي قِرَاءَتِي عَلَيْهِ فَشَرَحَ لِي كَمَا كَانَ يَشْرَحُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>