للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ [٢ \ ٢٠] ، أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [١٣ \ ١٩] .

وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ عَمِيَتْ بَصِيرَتُهُ عَنِ النُّورِ تَخَبَّطَ فِي الظَّلَامِ، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا، فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ.

وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ الْمُنْصِفُ، أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكَ الْجِدُّ وَالِاجْتِهَادُ فِي تَعَلُّمِ كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَسَائِلِ النَّافِعَةِ الْمُنْتِجَةِ، وَالْعَمَلُ بِكُلِّ مَا عَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْهُمَا عِلْمًا صَحِيحًا.

وَلْتَعْلَمْ أَنَّ تَعَلُّمَ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَيْسَرُ مِنْهُ بِكَثِيرٍ فِي الْقُرُونِ الْأَوْلَى، لِسُهُولَةِ مَعْرِفَةِ جَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، مِنْ نَاسِخٍ وَمَنْسُوخٍ وَعَامٍّ وَخَاصٍّ، وَمُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ، وَمُجْمَلٍ وَمُبَيَّنٍ وَأَحْوَالِ الرِّجَالِ، مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ، وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ ; لِأَنَّ الْجَمِيعَ ضَبَطَ وَأَتْقَنَ وَدَوَّنَ، فَالْجَمِيعُ سَهَّلَ التَّنَاوُلَ الْيَوْمَ.

فَكُلُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَدْ عُلِمَ مَا جَاءَ فِيهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَكِبَارِ الْمُفَسِّرِينَ.

وَجَمِيعُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُفِظَتْ وَدُوِّنَتْ، وَعُلِمَتْ أَحْوَالُ مُتُونِهَا وَأَسَانِيدِهَا، وَمَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا مِنَ الْعِلَلِ وَالضَّعْفِ.

فَجَمِيعُ الشُّرُوطِ الَّتِي اشْتَرَطُوهَا فِي الِاجْتِهَادِ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهَا جِدًّا عَلَى كُلِّ مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ فَهْمًا وَعِلْمًا.

وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ، وَالْخَاصُّ وَالْعَامُّ، وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ تَسْهُلُ مَعْرِفَتُهُ الْيَوْمَ عَلَى كُلِّ نَاظِرٍ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِمَّنْ رَزَقَهُ اللَّهُ فَهْمًا وَوَفَّقَهُ لِتَعَلُّمِ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ.

وَاعْلَمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ الْمُنْصِفُ، أَنَّ مِنْ أَشْنَعِ الْبَاطِلِ وَأَعْظَمِ الْقَوْلِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، عَلَى اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَعَلَى النَّبِيِّ وَسُنَّتِهِ الْمُطَهَّرَةِ، مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الصَّاوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْجَلَالَيْنِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ وَآلِ عِمْرَانَ وَاغْتَرَّ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ خَلْقٌ لَا يُحْصَى مِنَ الْمُتَسَمِّينَ بِاسْمِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ ; لِكَوْنِهِمْ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>