للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْآيَةَ [١٨ \ ١٠٤] . وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ.

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْكَهْفِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ الْآيَةَ [١٨ \ ٢] . وَفِي سُورَةِ «النَّحْلِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ الْآيَةَ [١٦ \ ٩٧] .

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ [٤٧ \ ٢] .

قَالَ فِيهِ ابْنُ كَثِيرٍ: هُوَ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ بَعْدَ بِعْثَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ مِنْهُ.

وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ [١١ \ ١٧] .

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَهُوَ الْحَقُّ جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ تَتَضَمَّنُ شَهَادَةَ اللَّهِ بِأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ عَلَى هَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْحَقُّ مِنَ اللَّهِ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ [٦ \ ٦٦] . قَالَ - تَعَالَى -: وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ [٦٩

- ٥١] . وَقَالَ - تَعَالَى -: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ الْآيَةَ [١٠ \ ١٠٨] . وَقَالَ - تَعَالَى -: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ الْآيَةَ [٤ \ ١٧٠] . وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ.

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ [٤٧ \ ٣] أَيْ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ مِنْ إِضْلَالِ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ، أَيْ إِبْطَالِهَا وَاضْمِحْلَالِهَا وَبَقَاءِ ثَوَابِ أَعْمَالِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَكْفِيرِ سَيِّئَاتِهِمْ وَإِصْلَاحِ حَالِهِمْ، كُلُّهُ وَاقِعٌ بِسَبَبِ أَنَّ الْكُفَّارَ اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ، وَمَنِ اتَّبَعَ الْبَاطِلَ فَعَمَلُهُ بَاطِلٌ.

وَالزَّائِلُ الْمُضْمَحِلُّ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ بَاطِلًا، وَضِدُّهُ الْحَقُّ.

وَبِسَبَبِ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ، وَمُتَّبِعُ الْحَقِّ أَعْمَالُهُ حَقٌّ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ بَاقِيَةٌ، لَا زَائِلَةٌ مُضْمَحِلَّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>