وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْآيَةِ.
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: مَا قَالَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ التَّمَتُّعِ بِالْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ. قَالَ: لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا، فَافْتَقَرَ إِلَى نِيَّةِ الْجَمْعِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَعَلَى الِاشْتِرَاطِ الْمَذْكُورِ فَمَحِلُّ نِيَّةِ التَّمَتُّعِ هُوَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ نِيَّةُ التَّمَتُّعِ، مَا لَمْ يَفْرَغْ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ كَالْخِلَافِ فِي وَقْتِ نِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْوِي عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْأُولَى مِنْهُمَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ نِيَّتُهُ مَا لَمْ يَفْرَغْ مِنَ الصَّلَاةِ الْأُولَى، هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَلَيْهِ فَلَوِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهُوَ لَا يَنْوِي الْحَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعُمْرَةِ بَدَا لَهُ أَنْ يَحُجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَلَا دَمَ تَمَتُّعٍ عَلَيْهِ، وَاشْتِرَاطُ النِّيَّةِ الْمَذْكُورُ عَزَاهُ صَاحِبُ «الْإِنْصَافِ» لِلْقَاضِي، وَأَكْثَرِ الْحَنَابِلَةِ، وَحَكَى عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ بِـ «قِيلَ» ثُمَّ قَالَ: وَاخْتَارَهُ «الْمُصَنِّفُ» ، وَ «الشَّارِحُ» ، وَقَدَّمَهُ فِي «الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ» ، وَالظَّاهِرُ سُقُوطُ هَذَا الشَّرْطِ، وَأَنَّهُ مَتَى حَجَّ بَعْدَ أَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، لِظَاهِرِ عُمُومِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، فَتَخْصِيصُهُ بِالنِّيَّةِ تَخْصِيصٌ لِلْقُرْآنِ، بَلْ دَلِيلٌ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الدَّمِ: أَنَّهُ تَرَفَّهَ بِإِسْقَاطِ سَفَرِ الْحَجِّ، وَتِلْكَ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
الشَّرْطُ السَّادِسُ: هُوَ مَا اشْتَرَطَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ كَوْنِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمَذْكُورَيْنِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، كَأَنْ يَعْتَمِرُ بِنَفْسِهِ وَيَحُجُّ بِنَفْسِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ يَحُجُّ شَخْصٌ، وَيَعْتَمِرُ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ. أَمَّا إِذَا حَجَّ عَنْ شَخْصٍ، وَاعْتَمَرَ عَنْ شَخْصٍ آخَرَ، أَوِ اعْتَمَرَ عَنْ شَخْصٍ، وَحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ، أَوِ اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ، وَحَجَّ عَنْ شَخْصٍ آخَرَ، فَهَلْ يَلْزَمُ دَمُ التَّمَتُّعِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ مُؤَدِّيَ النُّسُكَيْنِ شَخْصٌ وَاحِدٌ أَوْ لَا يَلْزَمُ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْحَجَّ وَقَعَ عَنْ شَخْصٍ وَالْعُمْرَةَ وَقَعَتْ عَنْ شَخْصٍ آخَرَ فَهُوَ كَمَا لَوْ فَعَلَهُ شَخْصَانِ فَحَجَّ أَحَدُهُمَا، وَاعْتَمَرَ الْآخَرُ، وَإِذًا فَلَا تَمَتُّعَ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ مِنَ النَّظَرِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ: هُوَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ نَظَرًا إِلَى اتِّحَادِ فَاعِلِ النُّسُكِ، وَمُقَابِلُهُ الْمَرْجُوحُ عَدَمُ وُجُوبِ الدَّمِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْحَجَّ عَنْ شَخْصٍ، وَالْعُمْرَةَ عَنْ آخَرَ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِي هَذَا قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي وُجُودِ الْخِلَافِ وَتَرْجِيحِ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ.
قَالَ الشَّيْخُ الْمَوَّاقُ فِي شَرْحِ قَوْلِ خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، فِي عِدَّةِ شُرُوطِ وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ، وَفِي شَرْطِ كَوْنِهِمَا عَنْ وَاحِدٍ تَرَدَّدٌ، مَا نَصُّهُ: ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي يَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute