للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ أَوْ عَدَمَهُ، وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ دَمُ الْإِحْصَارِ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [٢ \ ١٩٦] .

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ ثَلَاثَةً مِنَ الدِّمَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، بِغَايَةِ الْإِيضَاحِ، وَالِاسْتِيفَاءِ، فَدَمُ الْفِدْيَةِ قَدَّمْنَاهُ فِي مَبَاحِثِ آيَةِ «الْحَجِّ» الَّتِي هِيَ: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [٢٢ \ ٢٧] . فِي جُمْلَةِ مَسَائِلِ الْحَجِّ، الَّتِي ذَكَرْنَا فِي الْكَلَامِ عَلَيْهَا.

وَدَمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي «الْمَائِدَةِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [٥ \ ٩٥] .

وَدَمُ الْإِحْصَارِ، قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي «الْبَقَرَةِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.

وَأَمَّا هَدْيُ التَّمَتُّعِ، فَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَنَا فِيهِ إِيضَاحٌ، وَسَنُبَيِّنُهُ الْآنَ.

أَمَّا التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَلَّ مَنْ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ.

وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الصَّحَابَةَ بَيَّنُوا أَنَّهُ يَشْمَلُ الْقِرَانَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عُمْرَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مَعَ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ حَقِيقَتَيْهِمَا اخْتِلَافٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

اعْلَمْ أَوَّلًا: أَنَّ الْعُلَمَاءَ اشْتَرَطُوا لِوُجُوبِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ شُرُوطًا:

مِنْهَا: مَا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.

وَمِنْهَا: مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

الْأَوَّلُ: أَنْ يَعْتَمِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنِ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ كَالْمُفْرِدِ، وَلَا يَخْفَى سُقُوطُ قَوْلِ طَاوُسٍ: إِنَّهُ مُتَمَتِّعٌ، كَمَا لَا يَخْفَى سُقُوطُ قَوْلِ الْحَسَنِ: إِنَّ مَنِ اعْتَمَرَ بَعْدَ النَّحْرِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنَ الْقَوْلَيْنِ:

قَالَهُ فِي «الْمُغْنِي» فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَكِنَّهُ أَتَى بِأَفْعَالِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَفِي ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>