للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله عليه الصلاة والسلام: "لا ميراث لقاتل" وقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} ٢ و {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} ١ بقوله عليه السلام: "لا يتوارث أهل ملتين شتى" وقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ٢ بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح المرأة على عمتها" في شواهد لها كثيرة فثبت أن تخصيص الكتاب بخبر الواحد جائز.

"قلنا: هذه أحاديث مشهورة تجوز الزيادة بمثلها على الكتاب، ولا كلام فيها، إنما الكلام في خبر شاذ خالف عموم الكتاب، هل يجوز التخصيص به؟ وليس فيما ذكرتم دليل على جوازه، والدليل على عدم جوازه أن عمر وعائشة وأسامة رضي الله عنهم ردوا خبر فاطمة بنت قيس، ولم يخصوا به قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} ٣ حتى قال عمر، رضي الله عنه: "لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت، حفظت أم نسيت"٤.

٦٥٤- والجدير بالذكر أن الإمام الشافعي، رضي الله عنه، لم يكن وحده في الميدان يدفع هذا المقياس، وإنما انتضى لذلك غيره، فقد حكى حوارًا شاهده بين صاحب لمحمد بن الحسن وبين صاحب له يسمى يحيى ابن البناء، وفي هذا الحوار الاتجاه الذي سار فيه الإمام الشافعي في رده ابن البناء.

وفي هذا الحوار الاتجاه الذي سار فيه الإمام الشافعي في رده على من يقولون بعرض الآحاد على الكتاب الكريم، يقول: "حضرت مجلسًا فيه جماعة، فيهم رجل يقال له سفيان بن سخيان، فقلت ليحيى بن البناء -وكان حاضرًا-: كيف فقه هذا؟ فقال لي: هو حسن الإشارة بالأصابع، ثم قال لي: تحب أن تسمعه؟ قلت: نعم. فقال: يا أبا فلان: رأيت شيئًا أعجب من إخواننا من أهل المدينة، في قضاياهم باليمين مع الشاهد؟.. إن الله عز وجل أمر بشاهدين، فنص على


١ سورة النساء: ١٢.
٢ سورة النساء: ٢٤.
٣ سورة الطلاق: ٦.
٤ كشف الأسرار ٣/ ٧٢٩ - ٧٣٠. وانظر في "نفقة المبتوتة" وما قيل في هذا الحديث كتاب "مقارنة المذاهب في الفقه" للأستاذين محمود شلتوت ومحمد علي السايس - مكتبة محمد علي صبيح ١٣٧٣م، ص ١١٢ - ١١٧.

<<  <   >  >>