للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العديد من الصحابة، ويجد مشقة في إحصاء من سمع منهم هذا الحديث أو ذاك، روي عن الحسن البصري أنه كان يقول: "إذا اجتمع أربعة من الصحابة على حديث أرسلته إرسالًا" وروي عنه أيضًا قوله: متى قلت لكم: حدثني فلان فهو حديثه لا غير، ومتى قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد سمعته من سبعين أو أكثر، كما روي عن الأعمش أنه قال: قلت لإبراهيم: إذا رويت لي حديثًا عن عبد الله فأسنده لي، فقال: إذا قلت: حدثني فلان عن عبد الله فهو الذي روى لي ذلك، وإذا قلت: قال عبد الله، فقد رواه لي غير واحد. وقال رجل للحسن: يا أبا سعيد، إنك تحدثنا فتقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو كنت تسنده لنا إلى من حدثك؟ ... فقال الحسن: أيها الرجل، ما كذبنا، ولا كذبنا، ولقد غزونا غزوة إلى خراسان، ومعنا فيها ثلاثمائة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم"١.

٥٢٩- ومهما يكن من شيء فقد اجتهد الإمام مالك في هذا العصر على أن يحمل الكثير من الأحاديث المسندة على الرغم من هذه الظروف ولم يحمل من المرسل إلا القليل بالنسبة لغيره، يقول أحمد بن صالح: "ثلث حديث مالك مسند، وليست هذه المنزلة لأحد من نظرائه"٢.

الاتجاه الثاني:

٥٣٠- وهو قريب من الاتجاه الأول، ويكاد يتطابق معه، مع امتداد له آخر بقدر امتداد مدرسة الأحناف -صاحبة هذا الاتجاه- التي قام رجال فيها غير أبي حنيفة ببنائها

بعد زمن مالك وأبي حنيفة، ومن هنا نشأ هذا الامتداد الذي تغيرت صورته عما رآه مالك في حجية المراسيل.

٥٣١- يقبل الأحناف مراسيل الصحابة -كغيرهم- والتابعين وتابعيهم، أو مراسيل أهل القرون الثلاثة الأولى -كما يعبر مؤلفوا أصولهم٣.


١ كشف الأسرار ٣/ ٧٢٤ -تدريب الراوي ٢/ ٢٠٤- قواعد التحديث ص١٤٢ - مالك: ص ٢٩٦.
٢ ترتيب المدارك ١/ ١٣٥.
٣ أصول البزدوي وشرحه كشف الأسرار ٣/ ٧٢٣.

<<  <   >  >>