للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما خالف فيه الثقات إنما هو شيء من السهو والغلط الذي يعتري معظم الرواة، أو هو الكذب الذي يخفيه بادعائه الظن الطارئ والخطأ غير المتعمد؟ ... عن حسين بن جبان قال: قلتليحيى بن معين: "ما تقول في رجل حدث بأحاديث منكرة، فردها عليه أصحاب الحديث إن هو رجع عنها، وقال: طننتها، فأما إذا أنكرتموها ورددتموها علي فقد رجعت عنها؟ ... فقال: لا يكون صدوقًا أبدًا، إنما ذلك لرجل يشتبه له الحديث الشاذ والشيء فيرجع عنه، فأما الأحاديث المنكرة التي لا تشتبه لأحد فلا فقلت ليحيى: ما يبرئه؟. قال: يخرج كتابًا عتيقًا فيه هذه الأحاديث فإذا أخرجها في كتاب عتيق، فهو صدوق، فيكون شبه له فيها، وأخطأ ما يخطئ الناس، فيرجع عنها. قلت: فإن قال: هي في نسخة عتيقة وليس أجدها؟. فقال: هو كذاب أبدًا، حتى يجيء بكتابه العتيق، ثم قال: هذا دين لا يحل فيه غير هذا١:

٣٠٦- وبعد أن طالت وقفتنا مع الكتاب ومع أهمية ضبط الحديث وتوثيقه في القرن الثاني نعود فنكمل الوسائل التي تمكن الراوي من ضبط الأحاديث.

٣٠٧- ٣- بعد التلقي الصحيح للأحاديث وحفظها في الذاكرة أو في الكتاب أو فيهما معًا على الراوي أن يتعهد هذه المرويات فيما بين أخذها وروايتها، وذلك يكون بأمور ثلاثة:

الأمر الأول:

عرضها على النقاد الفاهمين علل الحديث، والمميزين صحيحة من سقيمه، حتى يبينوا أمر ما يحمل، فلا يكون كحاطب ليل، قال حسين بن عياش: كنا نأتي سفيان بالعشي، فنعرض عليه ما سمعنا -من محدث سماه- فيقول: هذا من حديثه، وليس هذا من حديثه٢. ويقول الأوزاعي: كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما يعرض الزيف على الصيارفة، فما عرفوا


١ الكفاية م ص١٩٢.
٢ تقدمة المعرفة ص ٧٠.

<<  <   >  >>