ومن خصائص الشعر الإسلامي عند الشاعر أنه جعل الحروب العربية ضد إسرائيل حربًا إسلاميًّا تنزف بدماء المسلمين كما تنزف قيم الإسلام في العصر الحديث، وإسرائيل في قلب الأمة العربية أفعى مسمومة تبث سمومها لتنخر في عظام الأمة الإسلامية، وتبدد قيمها السامية، فالصهاينة أعداء للإسلام، للعروبة؛ لأنهم يعتقدون بأن القضاء على العروبة هي الجسر القوي للقضاء على الشريعة الإسلامية التي تقلق مضاجعهم، فالقرآن الكريم لغته العربية، وسيبقى خالدًا لعروبته، إذن فالعربية في نظر أعدائنا هي الإسلام، والإسلام في العربية، فهما متلازمان، وعلى هذا الاتجاه يحاربنا أعداء العروبة والإسلام وهم الصهاينة والصليبيون.
ومن هذا المنظور جعل زاهر تصوير الانتصار في حرب رمضان شعرًا إسلاميًّا؛ لأن الاسلام انتصر فيه على أعدائه يقول: "من قصيدة في حرب رمضان" أنشدها في مكة المكرمة عام ١٣٩٣هـ، ويبدو أن الشاعر اختزلها في ديوانه، فأغلب الظن أنها أكبر من ذلك بما سيجود به الزمان في المستقبل، لقوله "من قصيدة"١:
تثنت أمامي وهي لا تعرف الخطبا ... وقالت: لهيب الحب في القلب قد شبا
تثنت بأعطاف وألوت بمعصم ... ورنت بأنغام لتأسر لي القلبا
فكانت كغصن ألبان لامس فرعه ... نسيم الصبا فاهتز من أنسه عجبا
فقلت لها مهلات فلست بهائم ... يرى في سراب القاع من زيفه شربًا
وليس هيام الحب يصرع عفتي ... ولا مارد الإغراء في أفرعي دبا
فلا تمتطي صهو السفاهة والردي ... ولا تركبي في الحب مركبه الصعبا
وكوني مع الأحداث سبرًا لغورها ... إذا انتظمت سلمًا أو اشتعلت حربًا
فما أفلحت في موكب المجد أمة ... إذا لم يكن درب الجهاد لها دربا
أتلك رحاب القدس ضجت فروعت ... قلوبًا وأزجت في ضمائرها رعبًا
أتلك النساء الصارخات بمعقل ... هببن بوجه البغي مستشريًا هبّا
أتلك فتاة الخدر يثلم عرضها ... نحارب عنه الدهر ولو ملكت غضبًا
فليت لها من أمة المجد أمة ... وخاضت طريقًا في الوغي ثبجًا رحبًا
وسارت جنود الله في كل جبهة ... صداها من التكبير قد جاوز السحبا
لقد نفضت عنها مذلة نكسة ... أحاطت بها شؤمًا وأودت بها نكبًا
فكانت على صرح الجهاد انتفاضة ... أدالت على الأعداء منعطفا صعبًا
تواثبت الأبطال يمتد زحفها ... وهبت أسود من خنادقها غضبي
أقامت على متن القناة معابرًا ... جسورًا إلى سيناء مدت بها وثبًا
١ على درب الجهاد: ١٥٩/ ١٦٦.