للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في أحدهما، إلا إذا أمكن التحدى حتى يتحقق العجز من المعترض من ناحية، ويسمو القرآن بإعجازه في ميدان المعارضة من ناحية أخرى، يقول الإمام عبد القاهر في خط نصرة المعنى:

"واعلم أنهم لم يبلغوا في إنكار هذا المذهب ما بلغوه، إلا لأن الخطأ فيه عظيم وأنه يقضي بصاحبه، إلى أن ينكر الإعجاز، ويبطل التحدِّي من حيث لا يشعر، وذلك أنه إن كان العمل على ما يذهبون إليه من أنه لا يجب فضل ولا رمزية إلا من جانب المعنى ١".

وهذا الصراع هذا الذي اضطر الإمام إلى حسم القضية في عمق، وإلى أن يقيم الأدلة والبراهين - في تحليل أدبي وإطالة وتفصيل- ليقف على مصادر العظمة، وموارد البلاغة في كتاب الله، وأساس التفرد والإعجاز في معجزته الخالدة.

ويضيف في حديثه عن القرآن الكريم نماذج رائقة من الأدب العربي، لأن اللغة واحدة وهي اللغة العربية، وردَّ الأساس والمصدر في ذلك إلى ما نحن بصدده الآن وهو النظم، وما يتبع ذلك من التصوير الفني الأدبي، في لغتنا الحية الثرية.

والإمام عبد القاهر يتناول الصورة الأدبية في موطنين: أحدهما حينما يتحدث عن قضية النظم، وثانيها حينما يتكلم عن مشكلة السرقات الأدبية في الشعر العربي، وسنتناول ذلك بإيجاز، نقصد من ذلك بيان مفهوم للصورة الأدبية ومعالمها في نقدنا العربي الأصيل القديم، ومدى الصلة بينها وبين مفهومها في النقد الحديث.


١ دلائل الإعجاز: عبد القادر الجرجاني ص ٢٥٧ تحقيق الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي.

<<  <   >  >>