أطلق المستشرقون والمبشرون فريتهم التي اتهموا فيها الإسلام بأنه إنَّما انتشر بالسيف، وبإكراه الناس عليه، فكان ردُّ فعل هذا الاتهام عند بعض المسلمين الغيورين على إسلامهم، دفاعهم عن الإسلام بأنَّ الحروب الإسلامية لم تكن إلاَّ حروباً دفاعية فقط، وهذا هو ما يريده الغزاة المهاجمون، هو أن يستدرجوا المسلمين إلى هذه المقالة، ليلغوا بذلك جزءاً مُهِمَّاً من مفهوم الجهاد في سبيل الله، وهم يصلون بذلك إلى هدم شطر عظيم من ركن الجهاد في سبيل الله، الذي دلت عليه النُصوص الإسلامية، ومفاهيم المسلمين الأولين، ودلّت عليه وقائع الفتوحات الإسلامية العظمى التي طبقت هذه المفاهيم.
وضمن الغيورين على الإسلام المدافعين عنه بصدق، والمستدرجين إلى إطلاق مفاهيم غير صحيحة عنه، اندس مأجورون للمستعمرين والمستشرقين وغيرهم، فتظاهروا بالغيرة على الإسلام، وأخذوا ينشرون فكرة حصر القتال في الإسلام بقتال الدفاع فقط، وأطلقوا نظرياتهم بأنَّ الحروب الإسلامية لم تكن إلا حروباً دفاعية فقط، فهدموا بذلك شطراً من ركن الجهاد في سبيل الله.
وتذرع أصحاب النظرية الجديد بالحقيقة الإسلامية التي أعلنها القرآن بقول الله تعالى في سورة (البقرة/٢ مصحف/٨٧ نزول) :
وبالهدم الجزئي الذي تضمنه هذا الفهم الدخيل المبتدع تعطل شطر من شطري الجهاد في سبيل الله، وهو الشطر الذي تكون الغاية منه نشر الدين، وإبلاغه للعالمين، وكسر الأسوار التي تحجب الحق عن أن يصل إلى أسماع الغافلين المتعطشين إلى المعرفة من الشعوب المغلوبة على أمرها، الراغبة بالخلاص من ظلمات الجهل، وسلطان الحكومات الآثمة الظالمة، التي تحجب عنها النور، وتفرض عليها أهواءها، وتمنعها من تنسم أي حقيقة تخالف ما تمليه عليه بالقوة.
مع أن الجهاد بالقتال في سبيل الله كما هو واضح وصريح في كتاب