كان يزيد أحسنهم استقامة في الحديث، ثم عطاء، وكان ليث أكثرهم تخليطاً. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: وسألت أبي عن هذا، فقال: أقول كما قال جرير.
وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: حدثنا يحيى بن معين عن يحيى بن سعيد القطان أنه كان لا يحدث عن ليث بن أبي سليم. وقال عمرو بن علي: كان يحيى لا يحدث عن ليث بن أبي سليم. وقال أبو معمر القطيعي: كان ابن عيينة يضعف ليث بن أبي سليم. وقال علي بن المديني: قلت لسفيان: إن ليثاًروى عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتوضأ، فأنكر ذلك سفيان وعجب منه أن يكون جد طلحة لقي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وقال علي بن محمد الطنافسي: سألت وكيعاً هن حديث من حديث ليث بن أبي سليم، فقال: ليث ليث، كان سفيان لا يسمي ليثاً، وقال قبيصة: قال شعبة لليث بن أبي سليم: اين اجتمع لك عطاء وطاوس ومجاهد؟ فقال: إذ أبوك يضرب بالخف ليلة عرسه. فما زال شعبة متقياً لليث مذ يومئذ. وقال أبو حاتم: أقول في ليث كما قال جرير بن عبد الحميد. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: ليث لا يشتغ به، وهو مضطرب الحديث. وقال أبو زرعة أيضاً: ليث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث. وقال مؤمل بن الفضل: قلنا لعيسى بن يونس: لم تسمع من ليث بن أبي سليم؟ قال: قد رأيته وكان قد اختلط، وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن. وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره. هذا مجموع كلام أئمة الحديث في تخريجه (كذا، ولعل الصواب: تخريجه) . والحاصل أنه كان في صحة عقله كثير التخليط في حديثه بحيث جرح بسبب ذلك، ثم طرأ له بعد ذلك الاختلاط في عقله فازداد حاله سوءاً. وحكم المختلط الذي كان قبل اختلاطه من الثقات الحفاظ المحتج بهم أنا ما رواه بعد اختلاطه يرد، وكذا ما شك فيه: هل رواه قبل الاختلاط أو بعده، فإنه مردود. فإذا كان هذا حكم من اختلط من الثقات الحفاظ الذين يحتج بهم، فكيف بمن اختلط من الضعفاء المجروحين الذين لا يحتج بهم قبل طروء الاختلاط عليهم؟ .