للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتحدث الصعاليك أحيانا عن غزواتهم على الخيل مقترنة بغزواتهم على الأقدام، على نحو ما رأينا في الفصل الأول من الباب الأول من أبيات تأبط شرا وعروة. ويتحدثون أحيانا أخرى عن غزواتهم على الخيل حديثا مستقلا. وهي ظاهرة أكثر ما نجدها في شعر عروة.

فهو يتوعد حينا أولئك الأغنياء المطمئنين الذين حسبوا أن لن يجرؤ على غزوهم أحد، وينذرهم بأنه سوف يفزعهم بخيل نشطة تطرد أمامها إبلهم المنفرة طردا عنيفا:

سيفرع بعد اليأس من لا يخافنا ... كواسع في أخرى السوام المنفر١

وحينا آخر يصرح بأنه لن يكف عن المغامرة في سبيل الغنى ومعه جماعة من الصعاليك الفرسان حتى يحقق أهدافه أو يعذر نفسه:

فإني لمستاف البلاد بسربة ... فمبلغ نفسي عذرها أو مطوف٢

ويشير أحيانا أخرى إلى نجاته من مأزق حرج على ظهر جواده "قرمل"، وهو يعد ذلك منة لهذا الجواد لا تنسى:

كليلة شيباء التي لست ناسيا ... وليلتنا إذ من ما من قرمل٣

ويصرح السليك، ذلك الرجلي الذي يُضرب به المثل في سرعة العدو، بشدة حاجته إلى فرسه في أثناء غارات أصحابه الفرسان على أهدافهم:

وما يدريك ما فقري إليه ... إذا ما الركب في نهب أغاروا٤

وكذلك الشنفرى، ذلك الرجلي الآخر الذي يُضرب به المثل أيضا في سرعة العدو، يتحدث عن فرسه طريفا، ففرسه لا عيب فيه سوى هزاله، ولكنه جريء مقدام، تطغى جرأته وإقدامه في أثناء القتال على هزاله، بل إن الخيل السمينة لا تستطيع الوقوف أمامه:


١ ديوانه/ ٨٣.
٢ ديوانه/ ٩٣.
٣ ديوانه/ ١٢٠.
٤ لسان العرب: مادة "ركب".

<<  <   >  >>