للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع ذلك نجد عند بعض الصعاليك السرويين آثارا ضئيلة من أحاديث الرماح. يتحدث تأبط شرا، في رثائه لصاحبين له قتلا في بعض غزوهما، عن مغامراته بفتيان من الصعاليك يحملون في أيمانهم نوعين من الأسلحة، رماحا سمرا ونصالا ذات شعبتين:

لأطرد نهبا أو نرود بفتية ... بأيمانهم سمر القنا والفتائق١

ويتحدث الشنفرى عن طعنه قتلة أبيه طعنة سامة تمج من حولها سم ثعبان خطر:

فإن تطعنوا الشيخ الذي لم تفوقوا ... منيته، وغبت إذ لم أشهد

فطعنة خلس منكم قد تركتها ... تمج على أقطاها سم أسود٢

ويتحدث أبو الطمحان عن ضرب يزيل الرءوس عن الأعناق، وطعن شديد يحدث صوتا كأنه تشهاق ولد الحمار حين يهم بالنهق:

بضرب يزيل الهام عن سكناته ... وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق٣

وهي جميعا -ما عدا بيت تأبط شرا- حديث عن آثار استخدام الرماح في الطعن، وليست وصفا صريحا لها.

ومن الطريف أننا لا نجد حديثا عن الرماح في شعر صعاليك هذيل، ما عدا بيتا واحدا لأبي خراش، وهو مع ذلك ليس في مقام الحديث عن


١ الأغاني ١٨/ ٢١٤ - النهب: الغنيمة. والفتيق: النصل له شعبتان.
٢ ديوانه المطبوع / ٣٥. وشرح ابن الأنباري على المفضليات/ ١٩٨ - لم تفوقوا: يرى الميمني في تعليقاته على الديوان أنه تحريف "ولعل صوابه لم تفوتوا من الفوت"، ويرى bevan أن صوابه "لم تعوقوا" "انظر تعليقات lyall على هذا البيت في شرح المفضليات / ١٩٨"، وعندي أن الكلمة صحيحة لا تحريف فيها، وأنها من فوق الفصيل إذا سقاء اللبن فواقا فواقا، والفواق ما بين الحلبتين من الوقت، والمفوق ما يؤخذ قليلا من مأكول ومشروب، ويكون المعنى على هذا "أنكم طعنتموه طعنة قاتلة لم تدع له فرصة للنجاة". والطعن خاص بالرماح "انظر الثعالبي: فقه اللغة/ ٣٠١".
٣ لسان العرب: مادة "شهق". والسيوطي: المزهر ٢/ ٢٣٤، وفيه "بضرب كآذان الفراء فضوله" - السكنة: مقر الرأس من العنق. التشهاق: الشهيق. العفا: ولد الحمار.

<<  <   >  >>