للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربعَ عشرةَ سنةٍ بلا نظير، لا يوجد شرقًا ولا غربًا أعلا إسنادًا منه ولا أحفظ منه. وكانوا يقولون لمّا صنَّف كتاب "الحِلْية": حُمِل إلى نَيْسابور حال حياته، فاشتروه بأربعمائة دينار.

وقد روى أبو عبد الرّحمن السُّلَميّ مع تقدمه عن رجلٍ عن أبي نُعَيْم، فقال في كتاب "طبقات الصُّوفيّة": ثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشميّ، حدَّثنا أبو نُعَيْم أحمد بْن عَبْد اللَّه، أَنَا محمد بْن عليّ بن حُبَيْش المقرئ ببغداد، أنا أحمد بن محمد بن سهل الأَدَميّ، فذكر حديثًا.

وقال السُّلَميّ: سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبّار الفِرْسانيّ يقول: صرتُ إلى مجلس أبي بكر بن أبي عليّ المعدَّل في صِغَري مع أبي، فلمّا فرغ من إملائه قال إنسان: مَن أراد أن يحضر مجلس أبي نُعَيْم فلْيَقُمْ -وكان أبو نُعَيْم في ذلك الوقت مهجورًا بسبب المذهب، وكان من بين الحنابلة والأشْعَريّة تعصُّبٌ زائدٌ يؤديّ إلى فتنةٍ وقال وقيل، وصراعٍ طويل- فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام، وكاد يُقْتَل.

وقال أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أنّ السّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين لمّا استولى على إصبهان أمرَّ عليها واليا من قِبَله ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي فقتلوه. فردّ السّلطان محمود إليها، وأمّنهم حتّى اطمأنوا. ثمّ قصدهم يوم جمعة وهم في الجامع فقتل منهم مقتلة عظيمة. وكانوا قد منعوا أبا نُعَيْم الْحَافِظُ من الجلوس في الجامع، فَسَلِم ممّا جرى عليهم، وكان ذلك من كرامته.

وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسيّ: سمعت عبد الوهّاب الأنماطيّ يقول: رأيت بخطّ أبي بكر الخطيب: سألت محمد بن إبراهيم العطّار مستملي أبي نُعَيْم، عن "جزء محمد بن عاصم" كيف قرأتَه على أبي نُعَيْم؟ وكيف رأيت سماعَه؟ فقال: فأخرج إليَّ كُتُبًا وقال: هو سَمَاعيّ.

فقرأتُ عليه. قال الخطيب: وقد رأيت لأبي نُعَيْم أشياء يتساهل فيها منها أن يقول في الإجازة: أخبرنا من غير أنّ يبين.

قال أبو الحافظ أبو عبد الله بن النّجّار: جزء محمد بن عاصم قد رواه الأثبات عن أبي نُعَيْم. والحافظ الصّادق إذا قال: هذا الكتاب سماعي، جاز أخْذُهُ عنه بإجماعهم.