للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال خليفة: مات يزيد سنة خمسٍ وثمانين ومائة.

وله ابنان، أحدهما خالد ممدوح أبي تمّام الطائي، والآخر محمد أحد الأجواد.

ومن كامل المبرِّد: أنّ يزيد بن مزيد نظر إلى لحية عظيمة مخضوبة، فقال لصاحبها: أما أنّك من لحيتك في مئونة. فقال: أجل، ولذلك أقول:

لها درهمُ للدهنِ في كلّ لَيْلَةٍ ... وآخر للحنّاء يبتدرانِ

ولولا نوال من يزيد بن مَزْيد ... لصوّت في حافاتها الْجَلَمانِ١

وفي الأغاني أن يزيد بن مَزْيد أهديِت له جارية، فلمّا رفع يده من طعامه وطئها، فلم ينزل عنها إلا ميتًا، وذلك ببلد بَرْذَعَة، وكان عنده مسلم بن الوليد صريع الغواني فرثاه، وقال:

قبرٌ ببَرْذَعَة استَسَرَّ ضريحُهُ ... خَطَرًا تقاصَرَ دُوَنُه الأخطار

أبقى الزَّمانُ على ربيعة بعده ... حُزْنًا لَعْمر اللَّهِ ليس يُعارُ

سلكت بك العرب السبيل إلى العلى ... حتى إذا استبقى الردى بك صاروا

نَفَضَتْ بك الإفلاسَ آمالُ الغنى ... واسترجعت زُوَّارَها الأمصارُ

فاذهبْ كما ذَهَبَتْ غوادي مُزْنَةٍ ... أثْنَى عليها السَّهْلُ والأمر عارُ٢

وقيل: إنّما رثى مسلم بهذا يزيد بن أحمد السُّلميّ، فالله أعلم.

وعن عَمْر بن المتوكل، عن أمّه قالت: كان ذو الفقار مع محمد بن عبد الله بن حسن يوم قُتِل بالمدينة، فلمّا أحسّ بالموت دفع "ذا الفقار" إلى رجُلٍ معه كان له عليه أربعمائة دينار، وقال: خُذْه فإنّك لا تلقى طالبيًا إلا أخذه منك وأعطاك حقّك٣.

فلمّا ولي جعفر بن سُليمان العبّاسيّ المدينةَ واليمن دعا الرجل وأخذ منه السيف، وأعطاه أربعمائة دينار، فلم يزل عنده حتّى ولي المهديّ، فبلغه خبرُه، فأخذه منه، ثمّ صار إلى الرشيد.


١ انظر: وفيات الأعيان "٦/ ٣٣٦"، والجلمان: المقص.
٢ وفيات الأعيان "٦/ ٣٣٩".
٣ وفيات الأعيان "٦/ ٣٣٠".