للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنة الجُودي الغساني، فكان يذكرها في شعره ويهذي بِهَا١.

وَقَالَ ابن سعد: إِنَّهُ أسلم في هدنة الحُدَيبية وهاجر، وأطعمه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بخيبر أَرْبَعِينَ وسقًا، وَكَانَ يُكَني أبا عَبْد اللَّهِ، ومات سَنَة ثلاث وخمسين.

وَقَالَ هشام بن عُرْوة، عَن أبيه، إن عَبْد الرَّحْمَنِ قدِم الشَّامَ، فرأى ابنة الجودي عَلَى طُنْفسَة، وحولها ولائد، فأعجبته، فَقَالَ فِيهَا:

تذكرت لَيْلَى والسماوَةُ دونَها ... فما لابنةِ الجودي ليلى وماليا

وأنى تعاطي قلبه حارثية ... تُدَمَّنُ بُصْرى أَوْ تحُلٌ الجوابيا

فوأنى يلاقيها؟ بلَى وَلَعَلها ... إن النَّاس حَجُّوا قابِلًا أنْ تُوافيا

قَالَ: فلما بَعَثَ عمر جيشه إِلَى الشَّام قَالَ لمقدمهم: إنْ ظفرت بليلى بِنْت الجوديّ عَنوةً فادفعها إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ، فظفر بها، فدفعها إليه، فأعجب بِهَا، وآثرها عَلَى نسائه، حَتَّى شكونه إِلَى أخته عائشة، فقالت لَهُ: لقد أفرطتَ، فَقَالَ: والله إني أرشف بأنيابها٢ حب الرمان، قَالَ: فأصابها وجع سقطت لَهُ قواها، فجفاها حَتَّى شكته إِلَى عائشة، فقالت: يَا عَبْد الرَّحْمَنِ لقد أحببتَ ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أنْ تجهزها إِلَى أَهْلها، فجهزها إِلَى أَهْلها، قَالَ: وكانت بِنْت ملك يعني من ملَوْك العرب٣.

قَالَ ابن أَبِي مُلَيْكة: إن عَبْد الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ بالصَّفاح٤، فحُمِل فدُفن بمكة -والصِّفاح عَلَى أميال من مكة- فقدمتٌ أخته عائشة فقالت: أين قبر أخي؟ فأتته فصلت عَلَيْهِ٥: رواه أيوب السختياني عَنْهُ.

قَالَ الْوَاقدي، والمدائني، وغيرهما: تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاثٍ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْر: سَنَة أربع وخمسين.


١ انظر: نسب قريش "ص/ ٢٧٦"، الأغاني "١٧/ ٣٥٨".
٢ في السير "٢/ ٤٧٣": بثناياها.
٣ السير "٢/ ٤٧٣".
٤ الصفاح: اسم مكان بين حُنين، وبدء الدخول إلى منطقة الحرم بمكة المكرمة حوالي ستة أميال.
٥ خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "٦٥٣٥" في المصنف، والترمذي "١٠٥٥".