وقرأتُ عليه "الأموال" لأبى عُبَيْد، فقال، وقد مرّ قول لأبي عُبَيْد: ما كان إلا حمارًا مغفلًا لَا يعرف الفِقْه.
وقيل لي عنه: إنّه قال في إبراهيم النَّخَعيّ: أعورُ سُوء. فاجتمعنا يومًا عند ابن السَّمَرْقَنْديّ في قراءة "الكامل"، فنقل فيه قولًا عن السَّعْديّ، فقال: يكذب ابن عَدِيّ، إنما هو قول إبراهيم الْجَوْزَجانيّ. فقلت له: فهو السَّعْديّ؛ فإلى كم نحتمل منك سوء الأدب. تقول في إبراهيم النَّخَعيّ كذا، وتقول في مالك كذا، وفي أبي عُبَيْد كذا؟! فغضب وأخذته الرِّعْدَة وقال: كان ابن الخاضبة والبَرَدانيّ وغيرهما يخافوني، فآل الأمر إلى أن تقول فيّ هذا. قال له ابن السمرقندي: هذا بذاك.
فقلت: إنما نحترمك ما احترمت الأئمَّة.
فقال: والله قد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممّن تقدَّم، وإني لأعلم من "صحيح البخاري" و"مسلم" ما لم يعلماه.
فقلت مستهزئًا: فعِلْمُك إذا إلهامٌ.
وهجرته.
قال: وكان سيئ الاعتقاد، ويعتقد من أحاديث الصّفات ظاهرَهَا.
بَلَغَني أنّه قال في سوق باب الأَزَج:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[القلم: ٤٢] فضرب على ساقه وقال: ساقٌ كساقي هذه.
وبَلَغَني أنّه قال: أهل البِدَع يحتجّون بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء}[الشورى: ١١] أي في الإلهيَّة، فأما في الصّورة فهو مثلي ومثلك.
قال الله تعالى:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ}[الأحزاب: ٣٢] أي في الحُرْمة.
وسألته يومًا عن أحاديث الصّفات، فقال: اختلف النّاس فيها، فمنهم مَن تأوَّلها، ومنهم من أمسك، ومنهم من اعتقد ظاهرها. ومذهبي آخر هذه الثلاثة مذاهب.
وكان يُفْتي على مذهب داود بن علي، فبلغني أنّه سُئل عن وجوب الغُسْل على من جامَعَ ولم يُنْزِل، قال: لَا غُسْل عليه، الآن فعلتُ ذلك بأمّ أبي بكر، يعني ولده، وكان بَشِع الصّورة، زَرِيّ اللّباس.