للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رئيس الرؤساء. ثم جرت لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه. وكان يبيت عند ابن رئيس الرّؤساء كلّ ليلة.

وحدَّثني أبو بكر ابن الخاضبة أنّه لم يسمعه يذكر الدّنيا قطّ١.

وقال أبو بكر بن طرْخان: سمعت أبا عبد الله الحُمَيْديّ يقول: ثلاثة كُتُب من علوم الحديث يجب تقديم الهِمم بها: كتاب "العِلل" وأحسن كتاب وُضع فيه كتاب الدَّارَقُطْنيّ، وكتاب "المؤتلف والمختلف" وأحسن كتاب وُضِع فيه كتاب الأمير ابن ماكولا، وكتاب "وَفَيات الشّيوخ" وليس فيه كتابٌ، وقد كنت أردت أن اجمع في ذلك كتابًا، فقال لي الأمير: رتبه على حروف المعجم، بعد أن ترتبه على السِّنين٢.

قال ابن طرْخان: فشغله عنه الصّحيحان، إلى أن مات.

قلت: قد فتح الله بكتابنا هذا، يسّر الله إتمامه، ونفع به، وجعله خالصًا من الرياء والرياسة.

وقد قال الحُمَيْديّ في "تاريخ الأندلس": أنا عمر بن عبد البَرّ، أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الْجُهَنيّ، بمصنّف أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النَّسَائيّ، قراءةً عليه، عن حمزة بن محمد الكنَانيّ، عن النَّسَائيّ.

وللحُمَيْديْ رحمه الله تعالى:

كتابُ الله عزّ وجلّ قَولي ... وما صحَّتْ به الآثارُ ديني

ما اتّفق الجميعُ عليه بَدْءًا ... وعَودًا فهو عن حقٍّ مُبينِ

فَدَعْ ما صَدَّ عن هذا وخُذْها ... تكُنْ منها على عين اليقينِ٣

وقال القاضي عياض: محمد بن أبي نصر أبو عبد الله الأزْديّ الأندلسيّ، سمع بمَيُورْقَة من أبي محمد بن حَزْم قديمًا. وكان يتعصَّب له، ويميل إلى قوله. وكانت قد أصابته فيه فتنة، ولمّا شُدِّد على ابن حَزْم وأصحابه خرج الحُمَيْديّ إلى المشرق.

ومن شِعْره:

طريقُ الزُّهْد أفضلُ ما طريق ... وتَقْوَى الله تأدية الحقوق


١ الصلة "٢/ ٥٦٠".
٢ الصلة لابن بشكوال "٢/ ٥٦١"، ومعجم الأدباء "١٨/ ٢٨٤".
٣ الأبيات في سير أعلام النبلاء "١٩/ ١٢٧"، وتذكرة الحفاظ "٤/ ١٢٢٢".