قال زاهر الشّحّاميّ: خرَّج أبو صالح ألف حديث عن ألف شيخ له، وقال الخطيب: قدِمَ أبو صالح علينا في حياة ابن بشران، وكتب عنِّي وكتبت عَنْهُ، وقال لي: أوَّل سماعي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وكنتُ إذ ذاك قد حفظت القرآن. وكان ثقة.
قلت: وُلِدَ سنة ثمانٍ وثمانين، وأوَّل سماعه كان من أَبِي نُعَيْم الإسْفَرائيني لمَّا قَدِمَ نيسابور، وحدَّث بمُسْنَد الحافظ أَبِي عَوَانَة.
وذكره أبو سعد السمعاني فقال: صوفي، حافظ، متقن، نسيج وحده فِي الجمع والإفادة، وكان الاعتماد عليه فِي الودائع من كُتُب الحديث التي فِي الخزائن الموروثة عن المشايخ، والموقوفة على أصحاب الحديث، فيتعهَّد حفظها، ويتولَّى أوقاف المحدثين من الحبر والكاغد، وغير ذلك، ويؤذن فِي المدرسة البَيْهَقّية مدة سنين احتسابًا، ووعظ المسلمين وذكَّرهم الأذكار فِي الليالي فِي المأذنة، وكان يأخذ صَدَقَات الرؤساء والتُّجّار ويوصِّلها إِلَى المستحقين والمستورين.
قلت: روى عَنْهُ ابنه إِسْمَاعِيل، وزاهر ووجيه ابنا الشّحّامي، وعبد الكريم بْن الحسين البسطامي، ومحمد بْن الفضل الْفُرَاوِيّ، وعبد المنعم بْن القُشَيْري، وأبو الأسعد القُشَيْري، وآخرون.
وقال الحافظ عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل: أبو صالح المؤذن، الأمين، المتقن، المحدِّث، الصوفي، نسيج وحده فِي طريقته، وجمعه، وإفادته، ما رأينا مثله، حَفِظَ القرآن، وجمع الأحاديث، وسمع الكثير، وجمع الأبواب والشيوخ، وأذن سنين حسبةً، وتوفِّي فِي سابع رمضان. وكان يحُثُّني على معرفة الحديث، ولم أتمكَّن من جمع هَذَا الكتاب إلا من مسودَّاته ومجموعاته، فهي المرجوع إليها فيما أحتاج إِلَى معرفته وتخريجه.
إِلَى أن قال: ولو ذهبت أشرح ما رَأَيْت منه لسودت أوراقًا جمَّة، وما انتهيت إِلَى استيفاء ذلك، سمعتُ منه كتاب "الحلية" لأبي نعيم بتمامه، و"معجم الطبراني"، و"مسند