للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلرَّجُلِ: اللَّهُ مَعَكَ، فَإِذَا سُمِّيَ الرَّجُلُ بِقَوْلِ: اللَّهُ مَعَكَ، أَوِ: اللَّهُ مَعَنَا، كَانَ هَذَا تَبَرُّكًا بِمَعْنَى هَذِهِ الِاسْمِ.

وَإِنْ أَوْجَبْتُمْ لَهُ الْإِلَهِيَّةَ بِقَوْلِ حَبْقُوقَ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ يَتَزَيَّا وَيَخْتَلِطُ مَعَ النَّاسِ وَيَمْشِي مَعَهُمْ.

وَيَقُولُ أَرْمِيَا أَيْضًا بَعْدَ هَذَا: اللَّهُ يَظْهَرُ فِي الْأَرْضِ وَيَتَقَلَّبُ مَعَ الْبَشَرِ، قِيلَ لَكُمْ: هَذَا بَعْدَ احْتِيَاجِهِ إِلَى ثُبُوتِ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ أَوَّلًا، وَإِلَى ثُبُوتِ هَذَا النَّقْلِ عَنْهُمَا، وَإِلَى مُطَابَقَةِ التَّرْجَمَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ - وَهَذِهِ ثَلَاثُ مَقَامَاتٍ يَعِزُّ عَلَيْكُمْ إِثْبَاتُهَا - لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّهُ إِلَهٌ حَقٌّ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلَا مَصْنُوعٍ، فَفِي التَّوْرَاةِ مَا هُوَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَأَبْلَغُ وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُوسَى إِلَهٌ، وَلَا أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ جُمْلَةِ الْعَبِيدِ لِلَّهِ.

وَقَوْلُهُ يَتَزَيَّا مِثْلَ: تَجَلَّى اللَّهُ وَظَهَرَ وَاسْتَعْلَنَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ.

وَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَلَّى وَتَزَيَّا لِإِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى الْإِلَهِيَّةِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَزَلْ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَمُخَاطَبَتِهِمْ أَنْ يَقُولُوا: فُلَانٌ مَعَنَا وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَلَمْ يَمُتْ، إِذَا كَانَ عَمَلُهُ وَسُنَّتُهُ وَسِيرَتُهُ بَيْنَهُمْ وَوَصَايَاهُ يُعْمَلُ بِهَا بَيْنَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>