للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ.

وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِرُوحِ الْعِلْمِ وَخَوْفِ اللَّهِ، فَجَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْخَشْيَةِ وَهُمَا الْأَصْلَانِ اللَّذَانِ جَمَعَ الْقُرْآنُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ.

وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً.

وَهَذَا شَأْنُ الْعَبْدِ الْمَحْضِ. وَأَمَّا الْإِلَهُ الْحَقُّ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَلَا يَلْحَقُهُ خَوْفٌ وَلَا خَشْيَةٌ وَلَا يَعْبُدُ غَيْرَهُ، وَالْمَسِيحُ كَانَ قَائِمًا بِأَوْرَادِ الْعِبَادَاتِ لِلَّهِ أَتَمَّ الْقِيَامِ.

وَإِنْ أَوْجَبْتُمْ لَهُ الْإِلَهِيَّةُ بِقَوْلٍ أَشْعِيَا: إِنَّ غُلَامًا وُلِدَ لَنَا، وَإَنَّنَا أَعْطَيْنَاهُ كَذَا وَكَذَا رِئَاسَةً عَلَى عَاتِقَيْهِ وَبَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ مَلِكًا عَظِيمًا إِلَهًا قَوِيًّا مُسَلَّطًا رَئِيسًا، قَوِيَّ السَّلَامَةِ فِي كُلِّ الدُّهُورِ، وَسُلْطَانُهُ كَامِلٌ لَيْسَ لَهُ فَنَاءٌ. قِيلَ لَكُمْ: لَيْسَ فِي هَذِهِ الْبِشَارَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمَسِيحُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.

وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْمَسِيحَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى مَطْلُوبِهِمْ، أَمَّا الْمَقَامُ الْأَوَّلُ: فَدَلَالَتُهَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَظْهَرُ مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَسِيحِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي رِئَاسَتُهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَبَيْنَ مَنْكِبَيْهِ مِنْ جِهَتَيْنِ: مِنْ جِهَةِ أَنَّ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ عَلَى بَعْضِ كَتِفَيْهِ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>