عَلَيْهِ هَذَا الْأَمْرُ الْعَظِيمُ؟ أَمْ تَقُولُونَ اسْتَخْلَفَ عَلَى تَدْبِيرِهَا غَيْرَهُ، وَهَبَطَ عَنْ عَرْشِهِ لِرَبْطِ نَفْسِهِ عَلَى خَشَبَةِ الصَّلِيبِ، وَلِيَذُوقَ حَرَّ الْمَسَامِيرِ وَلِيُوجِبَ اللَّعْنَةَ عَلَى نَفْسِهِ، حَيْثُ قَالَ فِي التَّوْرَاةِ: مَلْعُونٌ مَنْ تَعَلَّقَ بِالصَّلِيبِ، أَمْ تَقُولُونَ: - وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَوْلُكُمْ - لَا نَدْرِي وَلَكِنْ هَذَا فِي الْكُتُبِ، وَقَدْ قَالَهُ الْآبَاءُ، وَهُمُ الْقُدْوَةُ، وَالْجَوَابُ عَلَيْهِمْ.
فَنَقُولُ لَكُمْ: وَإِلَّا يَا مَعَاشِرَ الْمُثَلِّثَةِ عُبَّادَ الصَّلِيبِ، مَا الَّذِي دَلَّكُمْ عَلَى إِلَهِيَّةِ الْمَسِيحِ؟
(الشُّبْهَةُ الْأَوْلَى)
فَإِنْ كُنْتُمُ اسْتَدْلَلْتُمْ عَلَيْهَا بِالْقَبْضِ مِنْ أَعْدَائِهِ عَلَيْهِ بِزَعْمِكُمْ وَسَوْقِهِ إِلَى خَشَبَةِ الصَّلِيبِ وَعَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنَ الشَّوْكِ، وَهُمْ يَبْصُقُونَ فِي وَجْهِهِ وَيَصْفَعُونَهُ، ثُمَّ أَرْكَبُوهُ ذَلِكَ الْمَرْكَبَ الشَّنِيعَ، وَشَدُّوا يَدَيْهِ وَرَجْلَيْهِ بِالْحِبَالِ، وَضَرَبُوا فِيهَا الْمَسَامِيرَ، وَهُوَ يَسْتَغِيثُ وَتَعَلَّقَ ثُمَّ فَاضَتْ نَفْسُهُ وَأَوْدَعَ ضَرِيحَهُ.
فَمَا أَصَحَّهُ مِنَ اسْتِدْلَالٍ عِنْدَ أَمْثَالِكُمْ مِمَّنْ هُوَ أَضَلُّ مِنَ الْأَنْعَامِ، وَهُمْ عَارٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَنَامِ.
وَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّمَا اسْتَدْلَلْنَا عَلَى كَوْنِهِ إِلَهًا بِأَنَّهُ لَمْ يُوَلَدْ مِنَ الْبَشَرِ، وَلَوْ كَانَ مَخْلُوقًا لَكَانَ مَوْلُودًا مِنَ الْبَشَرِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ صَحِيحًا فَآدَمُ إِلَهُ الْمَسِيحِ، وَهُوَ أَحَقُّ بِأَنْ يَكُونَ إِلَهًا مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا أُمَّ لَهُ وَلَا أَبَّ لَهُ وَالْمَسِيحُ لَهُ أُمٌّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute