للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجالِ الجرحِ والتَّعديلِ يعرف شيئًا مِن كُتبِ أهلِ الكتابِ ليَصِحَّ حكمُه على الرُّواة عنها» (١).

وقد سَبَق الجواب عن شبهةِ الكذبِ في النَّقل عن صُحفِ أهلِ الكتاب.

وأمَّا وَهب: فمَحلُّ توثيق كثيرٍ مِن أئمَّة الحديث (٢)، لا أعلمُ أحدًا تَكلَّم فيه غير عمرو بن عليِّ الفلَّاس (ت ٢٤٩ هـ) وحده، وعلى كلامِه عَضَّ (رشيد رضا) بالنَّواجذ!

متجاهلًا لردِّ ثُلَّة من المُحقِّقين على الفلَّاس كلامَه في وهبٍ، كابن حجرٍ في قوله: «وهب بن منِّبه الصَّنعاني، مِن التَّابعين، وثَّقَه الجمهور، وشَذَّ الفلَّاس فقال: كان ضعيفًا، وكان شُبهته في ذلك، أنَّه كان يُتَّهم بالقولِ بالقَدرِ، وصَنَّف فيه كتابًا، ثمَّ صَحَّ أنَّه رَجَع عنه» (٣).

ففضلًا عن غَلطِ الفلَّاس في حكمِه على وهبٍ، فإنَّ (رشيد رضا) قد رَجَّح تضعيفَ الفلَّاس بغيرِ المناطِ الَّذي عَلَّق عليه هذا الأخير حُكمَه من بدعة القَدر! بل رَماه رشيدٌ بنقيضِ ذلك مِمَّأ لم يُسبق إليه، وهي بدعة الجبريَّة! (٤)

وبِغضِّ النَّظرِ عن شذوذِ الفلَّاس بهذا التَّضعيفِ لوهبٍ -كما قرَّرناه-، فليس في كلامِه -ولا غيره مِن الأئَّمة- رَميٌ لوهبٍ بالزَّندقةِ! أو الكذب عن أهل الكتاب! كما نراه في مُجازفاتِ رشيدٍ.

بل هذا ابن كثير -وقد وَصَفه رشيدٌ بسعةِ اطِّلاعِه على ما في كُتبِ أهل الكتاب- قد زكَّاه صراحةً، ولم ينبزه بشيءٍ (٥).


(١) «مجلة المنار» (٢٦/ ٧١٦).
(٢) انظر توثيق بعض أئمة الجرح والتعديل له في «تهذيب الكمال» (٣١/ ١٤٢).
(٣) «فتح الباري» (١/ ٤٥٠).
(٤) انظر معتمد (رشيد رضا) في هذا التهمة والرد عليها في كتاب «آراء محمد رشيد رضا في قضايا السنة» (ص/٣٧٤ - ٣٧٧).
(٥) كما في كتابه «البداية والنهاية» (١٣/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>