بشهوات الدنيا، فندم حينئذ على تفريطه ندامة يكاد يقتل نفسه، وطلب الرجعة إلى الدنيا ليتوب ويعمل صالحًا، فلا يجاب على شيء من ذلك، فيجتمع عليه سكرة الموت مع حسرة الفوت، وقد حذر الله في كتابه عباده من ذلك ليستعدوا للموت قبل نزوله بالتوبة والعمل الصالح، قال الله تعالى:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الزمر: ٥٤ - ٥٨].
احذر أيها المسكين أن يفجأك الموت؛ وقد أغلقت دونك أبواب التوبة .. فتلاقي الله تعالى بذنوبك .. فيا لشدة ذلك اليوم عليك!
قال ابن رجب في قوله تعالى:{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}[سبأ: ٥٤]. «وفسره طائفة من السلف منهم عمر بن عبد العزيز رحمه الله بأنهم طلبوا التوبة حين حيل بينهم وبينها»:
قال الحسن البصري:«اتق الله يا ابن آدم، لا يجتمع عليك خصلتان: سكرة الموت، وحسرة الفوت»!
وقال ابن السماك:«احذر السكرة والحسرة أن يفجأك الموت وأنت على الغرة، فلا يصف واصف قدر ما تلقى، ولا قدر ما ترى»!