يَصِحَّ التَّيَمُّمُ بِهَا لِأَنَّ صَدِيدَ الْمَيِّتِ قَائِمٌ فِيهَا لَا يُذْهِبُهُ الْمَطَرُ كَمَا لَا يُذْهِبُ التُّرَابَ قَالَ وَهَكَذَا كُلُّ مَا اخْتَلَطَ مِنْ الْأَنْجَاسِ بِالتُّرَابِ مِمَّا يَصِيرُ كَالتُّرَابِ وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ هُنَا التَّيَمُّمَ بِالْأَرْضِ الَّتِي أَصَابَتْهَا نَجَاسَةٌ ذَائِبَةٌ فَزَالَ أَثَرُهَا بِالشَّمْسِ وَالرِّيحِ وَفِيهَا الْقَوْلَانِ الْمَشْهُورَانِ الْجَدِيدُ أَنَّهَا لَا تُطَهِّرُ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهَا وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا تُطَهِّرُ فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ إذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَفِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ بِتُرَابِهَا قَوْلَانِ قَالَ وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَفِيهِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَجَعَلَهُ طَاهِرًا فِي حُكْمٍ دُونَ حُكْمٍ هَذَا كَلَامُ الْقَفَّالِ وَهُوَ شَاذٌّ وَمَنْعُ بَيْعِ الْمَدْبُوغِ لَيْسَ لِلنَّجَاسَةِ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: (الرَّابِعَةُ) لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِتُرَابٍ خَالَطَهُ جَصٌّ أَوْ دَقِيقٌ أَوْ زَعْفَرَانُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الطَّاهِرَاتِ الَّتِي تَعْلَقُ بِالْعُضْوِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَلِيطُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مُسْتَهْلَكًا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَحَكَى الْأَصْحَابُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَجْهًا أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ الْخَلِيطُ مُسْتَهْلَكًا كَمَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الَّذِي اُسْتُهْلِكَ فِيهِ مَائِعٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْأَصْحَابُ هَذَا الْوَجْهُ غَلَطٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَاءَ يَجْرِي بطبعه فإذا أصاب المائع موضع جَرَى الْمَاءُ بَعْدَهُ وَأَمَّا الْخَلِيطُ فَرُبَّمَا عَلِقَ بِالْعُضْوِ فَمَنَعَ التُّرَابَ مِنْ الْعُلُوقِ وَلِأَنَّ لِلْمَاءِ قُوَّةَ التَّطْهِيرِ وَلِأَنَّهُ لَا تَضُرُّهُ النَّجَاسَةُ إذَا كَانَ كَثِيرًا بِخِلَافِ التُّرَابِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَطَ بِالتُّرَابِ فُتَاتُ الْأَوْرَاقِ فَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالزَّعْفَرَانِ يَعْنِي فَيَكُونُ فِيهِ التَّفْصِيلُ وَالْخِلَافُ وَقِيلَ يُعْفَى عَنْهُ كَمَا فِي الْمَاءِ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مُخَالَطَةِ الدَّقِيقِ وَنَحْوِهِ وَمُخَالَطَةِ الرَّمْلِ حَيْثُ جَازَ فِي الرَّمْلِ دُونَ الدَّقِيقِ قُلْنَا الدَّقِيقُ يَعْلَقُ بِالْيَدِ كَمَا يَعْلَقُ التُّرَابِ فَيَمْنَعُ التُّرَابَ وَالرَّمْلُ لَا يَعْلَقُ أَمَّا إذَا خَالَطَ التُّرَابَ مَائِعٌ طَاهِرٌ مِنْ طِيبٍ أَوْ خَلٍّ أَوْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ تَغَيَّرَ بِهِ لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ وَإِلَّا جَازَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الْبَحْرِ إنْ تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ ثُمَّ جَفَّ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ لِأَنَّ بِالْجَفَافِ ذَهَبَ مَاءُ الْوَرْدِ وَبَقِيَتْ رائحته المجاورة
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute