للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشَّرْحُ] فِي هَذِهِ الْقِطْعَةِ مَسَائِلُ إحْدَاهَا إذَا أَحْرَقَ الطِّينَ وَتَيَمَّمَ بِمَدْقُوقِهِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يَجُوزُ وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ والبغوى وَالْأَصَحُّ عِنْدَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَصَاحِبِ الْبَحْرِ وَالْمُحَقِّقِينَ الْجَوَازُ وَهَذَا أَظْهَرُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَلَطٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إنْ احْتَرَقَ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ احْتَرَقَ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ فَفِيهِ وَفِي الطِّينِ الْخُرَاسَانِيِّ إذَا دُقَّ وَجْهَانِ والاظهر الجواز مطلقا اما ذا أَصَابَتْهُ نَارٌ فَاسْوَدَّ وَلَمْ يَحْتَرِقْ فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ بِهِ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِيهِ وَجْهًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ تُرَابٌ وَلَا يُشْبِهُ الْخَزَفَ بِحَالٍ وَلَوْ احْتَرَقَ فَصَارَ رَمَادًا لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ كَالْخَزَفِ: نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (الثَّانِيَةُ) يُشْتَرَطُ كَوْنُ التُّرَابِ لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْعُضْوِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُشْتَرَطُ الْغُبَارُ وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ بدلائلها: وقوله تراب ندهو بِتَنْوِينِ الدَّالِ مِثْلُ شَجٍ: (الثَّالِثَةُ) لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابٍ نَجِسٍ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فَإِنَّهُ جَوَّزَهُ بِتُرَابِ الْمَقَابِرِ قَالَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَنْبُوشَةً فَيُوَافِقُنَا

* وَاحْتَجَّ المحاملي وغيره بقوله تعالى (صعيدا طيبا) قَالُوا وَالْمُرَادُ طَاهِرًا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي مَعْنَى الطَّيِّبِ فِي الْآيَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ: وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ لِيَحْتَرِزَ عَنْ الدِّبَاغِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالنَّجِسِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا سَبَقَ: قَالَ أَصْحَابُنَا وَسَوَاءٌ كَانَ التُّرَابُ الَّذِي خَالَطَتْهُ النَّجَاسَةُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ لِأَنَّ لِلْمَاءِ قُوَّةً تَدْفَعُ النَّجَاسَةَ وذكره أَصْحَابُنَا هُنَا تُرَابَ الْمَقَابِرِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إذَا تَيَقَّنَ نَبْشَهَا فَتُرَابُهَا نَجِسٌ وَإِنْ تَيَقَّنَ عَدَمَ نَبْشِهَا فَتُرَابُهَا طَاهِرٌ وَإِنْ شَكَّ فَطَاهِرٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فَحَيْثُ قُلْنَا طَاهِرٌ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنَّهَا إذَا لَمْ تُنْبَشْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ لِكَوْنِهَا مَدْفِنَ النَّجَاسَةِ وَلَا يُكْرَهُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِهَا لِأَنَّهُ طَاهِرٌ فَهُوَ كَغَيْرِهِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ نَصْرٌ فِي الِانْتِخَابِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَسَنٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأُمِّ وَلَوْ وَقَعَ الْمَطَرُ عَلَى الْمَقْبَرَةِ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>