للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاسَّةِ الْبَصَرِ وَغَيْرِهَا وَالنُّعَاسُ لَا يَغْلِبُ عَلَى الْعَقْلِ وَإِنَّمَا تَفْتُرُ فِيهِ الْحَوَاسُّ بِغَيْرِ سُقُوطٍ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي حَدُّ النَّوْمِ مَا يَزُولُ بِهِ الِاسْتِشْعَارُ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ النُّعَاسُ يَغْشَى الرَّأْسَ فَتَسْكُنُ بِهِ الْقُوَى الدِّمَاغِيَّةُ وَهُوَ مَجْمَعُ الْحَوَاسِّ وَمَنْبِتُ الْأَعْصَابِ فَإِذَا فَتَرَتْ فَتَرَتْ الْحَرَكَاتُ الْإِرَادِيَّةُ وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ أَبْخِرَةٍ تَتَصَعَّدُ فَتُوَافِي أَعْبَاءً مِنْ قُوَى الدِّمَاغِ فَيَبْدُو فُتُورٌ فِي الْحَوَاسِّ فَهَذَا نُعَاسٌ وَسِنَةٌ فَإِذَا تَمَّ انْغِمَارُ الْقُوَّةِ الْبَاصِرَةِ فَهَذَا أَوَّلُ النَّوْمِ ثُمَّ تَتَرَتَّبُ غَلَبَةُ فُتُورِ الْأَعْضَاءِ وَاسْتِرْخَاؤُهَا وَذَلِكَ غَمْرَةُ النَّوْمِ قَالَ وَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِالْغَفْوَةِ وَإِذَا تَحَقَّقْنَا النَّوْمَ لَمْ نَشْتَرِطْ غَايَتَهُ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَضَ وُضُوءَ النَّائِمِ قَائِمًا وَلَوْ تَنَاهَى نَوْمُهُ لَسَقَطَ: هَذَا كَلَامُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَمِنْ عَلَامَاتِ النُّعَاسِ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَ مَنْ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَاهُ قَالُوا وَالرُّؤْيَا مِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَفِي الْبُوَيْطِيِّ كَمَا سَبَقَ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَلَوْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ انْتَقَضَ إذَا لَمْ يكن ممكنا فان خطر بباله شئ فَشَكَّ أَكَانَ رُؤْيَا أَمْ حَدِيثَ نَفْسٍ لَمْ يَنْتَقِضْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ وَلَوْ شَكَّ أَنَام أَمْ نَعَسَ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَنْتَقِضْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَتَوَضَّأَ: الثَّالِثَةُ لَوْ تَيَقَّنَ النَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ كَانَ مُمَكِّنًا أَمْ لَا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ (١) وَآخَرُونَ وَهُوَ الصَّوَابُ: وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيِّ فِي مَسَائِلِ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ لَوْ تَيَقَّنَ رُؤْيَا وَلَا يَذْكُرُ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ قَاعِدًا لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ فَهُوَ مُتَأَوَّلٌ أَوْ ضَعِيفٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (الرَّابِعَةُ) : نَامَ جَالِسًا فَزَالَتْ أَلْيَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأَرْضِ فَإِنْ زَالَتْ قَبْلَ الِانْتِبَاهِ انْتَقَضَ لِأَنَّهُ مَضَى لَحْظَةٌ وَهُوَ نَائِمٌ غَيْرَ مُمَكِّنٍ وَإِنْ زَالَتْ بَعْدَ الِانْتِبَاهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا سَبَقَ لَمْ يَنْتَقِضْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَقَعَ يَدُهُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ لَا تَقَعُ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ


(١) لفظ البيان فان نام جالسا ثم زال عن حالته فان زال الياه أو أحدهما قبل الانتباه بطلت طهارته وان انتبه بزوالهما لم تبطل وان تيقن النوم وشك هل نام قاعدا أو زائلا عن مستوى الجلوس لم ينتقض وضوءه لان الاصل بقاء الطهارة اه وهذه غير مسألة البغوي ومراد البغوي المسألة السابقة قبل هذا النقل
عنه بثلاثة اسطر وهى منصوص عليها في الام ومتفق عليها ومن وقف على كلام الام والبغوى تحقق انها هي بعينها وقد قال متصلا بها ولو شك انه كان رؤيا أو حديث نفس فلا وضوء عليه وهو فقط للشافعي عقب مسألة النص المذكورة وقوله لا يحمل على النوم قاعدا كلام صحيح وفى كلام الام اشارة إليه وكيف يحمل على النوم قاعدا وهو لا يتذكر النوم

<<  <  ج: ص:  >  >>