للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَلَطَ الْبُوَيْطِيُّ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالْبُوَيْطِيُّ يَرْتَفِعُ عَنْ التَّغْلِيطِ بَلْ الصَّوَابُ تَأْوِيلُ النَّصِّ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ: قَالَ وَمَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا

فَلْيَتَوَضَّأْ وَإِنْ نَامَ قَائِمًا فَزَالَتْ قَدَمَاهُ عَنْ مَوْضِعِ قِيَامِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ: وَإِنْ نَامَ جَالِسًا فَزَالَتْ مَقْعَدَتُهُ عَنْ مَوْضِعِ جُلُوسِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ: وَمَنْ نَامَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا فَرَأَى رُؤْيَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَمَنْ شَكَّ أَنَامَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا أو لم ينم فليس عليه شئ حتى يستيقن النوم فان ذكر أنه رأى رُؤْيَا وَشَكَّ أَنَامَ أَمْ لَا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِأَنَّ الرُّؤْيَا لَا تَكُونُ إلَّا بِنَوْمٍ هَذَا نَصُّهُ بِحُرُوفِهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَمِنْهُ نَقَلْتُهُ: فَقَوْلُهُ إنْ نَامَ جَالِسًا فَزَالَتْ مَقْعَدَتُهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَزُلْ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فَيُتَأَوَّلُ بَاقِي كَلَامِهِ عَلَى النَّائِمِ غَيْرَ مُمَكِّنٍ (١) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَرْعٌ)

إذَا نَامَ فِي صَلَاتِهِ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ مِنْ الْأَرْضِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ الْبُوَيْطِيِّ وَلَا تَفْرِيعَ عَلَيْهَا وَلَوْ نَامَ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ مُمَكِّنٍ إنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ الضَّعِيفِ فَصَلَاتُهُ وَوُضُوءُهُ صَحِيحَانِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ بَطَلَا قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا لِمَرَضٍ فَنَامَ فَفِي بُطْلَانِ وُضُوئِهِ الْقَوْلَانِ لِأَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ انْتِقَاضِ وُضُوءِ الْمُصَلِّي عَلَى الْقَدِيمِ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْفَصْلِ وَالتَّفْرِيعِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ أَنَّ نَوْمَ الْمُمَكِّنِ لَا يُنْقِضُ وَغَيْرُهُ يُنْقِضُ: إحْدَاهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلنَّائِمِ مُمَكِّنًا أَنْ يَتَوَضَّأَ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِ حَدَثٍ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ: (الثَّانِيَةُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِالنُّعَاسِ وَهُوَ السِّنَةُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ: وَدَلِيلُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي يُصَلِّي فِي اللَّيْلِ فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ فَجَعَلَنِي فِي شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَجَعَلْتُ إذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي فَصَلَّى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) رَوَاهُ مُسْلِمٌ: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّوْمِ وَالنُّعَاسِ أَنَّ النَّوْمَ فِيهِ غَلَبَةٌ على العقل وسقوط


(١) لكن التأويل لا يتأتى فيما افهمه قوله وان نام قائما فزالت قدماه من موضع قيامه فعليه الوضوء لانه يقتضي ان لا وضوء عليه إذا لم تزل قدماه لكن يعارضه قوله بعد وَمَنْ نَامَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا فَرَأَى رُؤْيَا فعليه الوضوء لان هذا يقتضي ان عليه الوضوء وان لم تزل قدماه وطريق الجمع بينهما ان زوال القدم والرؤيا يقتضيان الاستغراق في النوم بخلاف مااذا لم ير رؤيا ولم تزل قدماه وحينئذ لا يتحقق النوم الناقض بل هو نعاس وسنة وعليه يحمل ذلك المفهوم وهذا متعين به والله اعلم اه اذرعى

<<  <  ج: ص:  >  >>